منتديات احرار العالم الاسلاميه
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

سيرة حياة المراجع العظام

5 مشترك

اذهب الى الأسفل

سيرة حياة المراجع العظام Empty سيرة حياة المراجع العظام

مُساهمة من طرف الوعد الصادق الأربعاء فبراير 11, 2009 12:15 am

** نتكلم عن رجل من سلالة العترة الطاهرة "ع" كان وترا في الموقف والمقام والقلم والشهادة ..وكان شهيد الأمّة قبل أن يكون شهيد العراق .**


الشهيد آية الله العظمى السيد محمد باقر الصدر
الاسم

هو السيد محمد باقر بن السيد حيدر بن السيد إسماعيل الصدر الكاظمي الموسوي، ويُكنى بأبي جعفر اسم ابنه الأكبر.

أسرته

ينتمي السيد محمد باقر إلى عائلة الصدر المشهورة العلم والجهاد والتقوى، ويذكر لنا التاريخ طائفة منهم بإجلال وتقدير منهم: السيد هادي الصدر، والسيد حسن الصدر، والسيد إسماعيل الصدر، والسيد محمد الصدر، والسيد صدر الدين الصدر، والسيد عبد الحسين شرف الدين الموسوي ابن عم أسرة آل الصدر. وأسرة آل الصدر من الأسر العربية الأصيلة الواضحة النسب الكريمة الحسب العريقة الأصول الزكية الفروع، أما أمه فهي كريمة الشيخ عبد الحسين آل ياسين وهي أخت العلماء العظام الشيخ محمد رضا والشيخ مرتضى والشيخ راضي، وأسرة آل ياسين من الأسر العراقية المعروفة بالعلم والصلاح والفضيلة والتقى.

مولده

ولد السيد الشهيد في مدينة الكاظمية في بغداد سنة 1353هــ المصادف 1935م.

اليتيم

فقد السيد الشهيد والده وعمره أربع سنوات إذ توفى السيد حيدر الصدر عن عمر يناهز الثامنة والأربعين، وقد تولى الإشراف عليه بعد فقدان والديه وأخيه السيد إسماعيل الصدر.

سجاياه الشخصية

لقد كانت لشهيدنا الغالي روح ملكوتية قد تمحضت يقيناً وكمالاً، وتجلت طهراً وصفاء، لا يشوبها شوب من السوء يعيب طهارتها، ولا يمازجها نزر من الريب ينقص حظها من يقينها ورسوخها في عالم الحقيقة، ولا عجب فهي حفيد الكمال، وسلالة الطهر وعترة اليقين، قد ترادف النسب والسبب على تنقيتها، وتناهض الأصل والعمل على الارتفاع بها إلى بحبوحة الحق أسوة لمن أرادوا الله، وقدوة لمن عشقوا الذرى والمجد.
إن العقول الكبيرة كثيرة، والأفهام المشهورة موفورة، أما النفوس التي تقاد بزمان العقول، والقلوب التي تملك أعنتها الأفهام، والسلوك الذي يصنع على عين اللب وبيده، فتلك نوادر قلت، وشوارد قد استعصى طلبها، وأعيت على سعي الطالبين.

إن شهيدنا الغالي قد استحوذ على القلوب، وكان له موضع الإعظام قبل النفوس لعمله قبل علمه، ولتقواه قبل فهمه، ولنزاهته وقداسته قبل عبقريته وإحاطته، لذلك عشقه من لا يعرفون العبقريات ليقدروا أهلها بقدرها، وشغفت به حباً من لا يدركون العقول النافذة والأفكار المبدعة ليعظموا أصحابها، ويدينوا بالإكبار لذويها، ويخفضوا لهم جناح الذل طاعة وانقياداً.

وأما عن عبادته رضوان الله تعالى عليه، فقد كان له من آبائه الأكرمين سجية العشق الإلهي، وخصيصة الهيام بالباري، فكان معشوقه دائم الحظور في قلبه، واصب الشخوص أمام عينيه، لا يفتر عن ذكره مسبحاً له أو تالياً لكتابه، أو هادياً إليه منيباً لأحكامه.

مرحلة التكوين الثقافي عند السيد الشهيد الصدر

ابتدأ السيد الشهيد دراسته لمقدمات العلوم بالكاظمية وهو في سن العاشرة، وفي سن الحادية عشرة بدأ بدراسة المنطق، وفي سن الثانية عشر درس الصدر علم الأصول على يد أخيه السيد إسماعيل، والسيد إسماعيل كان أستاذ أخيه الأول وعنده درس المقدمات والسطوح.

حدثنا أحد فضلاء تلامذته أن السيد إسماعيل قال عن أخيه "سيدنا الأخ بلغ ما بلغ في أوان بلوغه" وكان كثير الإعجاب بأخيه.

وقد حضر بحث الخارج عند خاله آية الله العظمى الشيخ محمد رضا آل ياسين وكان يحضر في بحثه كبار الفقهاء مثل: آية الله صدر البادكوبي وآية الله الشيخ عباس الرميثي وآية الله الشيخ محمد طاهر آل راضي وآية الله عبد الكريم على خان وآية الله السيد باقر الشخص وآية الله السيد إسماعيل الصدر. كما حضر عند خاله الشيخ مرتضى آل ياسين تأييداً واحتراماً له، وكان خاله الشيخ كثير الاحترام والحب له. وقد درس السيد الصدر عند آية الله العظمى السيد الخوئي منذ سنة 1365هــ إلى سنة 1378هــ وله إجازة اجتهاد خطية منه ويطلق السيد الصدر عليه ــ في معرض ذكر نظرياته ــ السيد الاستاذ. كما أن السيد حضر برهة من الزمن على الشيخ المذكور ودرس عنده الفلسفة الإسلامية خصوصاً أسفار ملا صدراً الشيرازي.

بدأ السيد بتدريس علم الأصول في 1378هــ وانتهت هذه الدورة في ربيع الأول 1391هــ.

نال السيد درجة الاجتهاد وهو في أواخر العقد الثاني من عمره، وقد دعاه السيد عباس الرميثي إلى مساعدته في كتابة تعليقته العلمية، وفي ذلك الوقت بالذات كتب السيد الشهيد فتاواه على شكل تعليقة ولا تزال موجودة وتعتبر من نفائس الكتب.

كتاباته الأولى

1 ــ فدك في التاريخ: في مطلع حياته وبداية انفتاحه على الصراع الذي تعيشه الأمة، عايش شهيدنا الغالي مسئلة رئيسية ومهمة في التاريخ الإسلامي وقد تركت آثارا سلبية كثيرة على مسيرة الإسلام وهي مسئلة الصراع بين الزهراء وغاصبيها حقها.

وفي هذا الكتاب نلاحظ السيد مع صغر عمره دقيقاً في حججه، رقيقاً في أسلوبه، علمياً في منهجه، مما يدل على إمكانيات فذة كشف عنها الزمان فيما بعد.

2 ــ غاية الفكر في علم الأصول: وهو من بواكير نتاجات السيد في علم الأصول وكان عمره حين كتابته عشرين عاماً فقط، وهذا الكتاب الذي طبع ونشر سنة 1376هــ ويحتوي على آراء ونظريات الشهيد في مجال علم الأصول والتي طرحها في فترة مبكرة.

العمل الفكري

وما يهمنا ذكره هنا هو التصدي الفلسفي والفكري للاستعمار الكافر الممثل بمذاهبه المختلفة. لقد عانت الساحة العراقية في الخمسينات من اشتداد الحركة الشيوعية التي كانت تركز على حرب المعتقدات الدينية وتسعى بجد لانتزاعها من قلوب الأمة. وقد نجحت حينها نجاحاً شديداً لعدم وجود المبارز القادر على ردها حتى جاء الشهيد رضوان الله تعالى عليه فعارض الدليل بالدليل والحجة بالحجة فسطع نور الحق. ومن النتاجات المهمة آنذاك:

1 ــ فلسفتنا: ألف هذا الكتاب في 29 ربيع الثاني 1379هــ أي سنة 1959م. إن هذا الكتاب دراسة دقيقة وموضوعية للأسس التي تقوم عليها الفلسفة الماركسية ودياليكتيتها ودحضها علمياً رصينا. يقول الشهيد (رض) "فلسفتنا هو مجموعة مفاهيمنا الأساسية عن العالم وطريقة التفكير فيه ولهذا كان الكتاب".

2 ــ اقتصادنا: لقد عالج السيد الشهيد المشاكل الفلسفية الداخلية في الصراع بكتابة فلسفتنا، ولكن الصراع الذي كان يتناول في جملة ما يتناول النظريات الاقتصادية إضافة للإشكالات الفلسفية وتطرح الشيوعية نظرياتها وكذلك تفعل الرأسمالية ويبقى الإسلام مغبوناً بين هذه الاتجاهات ليدخل عنصراً فاعلاً في ساحة الصراع وسلاحاً بيد الإسلاميين في معركتهم مع الكفر والانحراف.


عدل سابقا من قبل Admin في الإثنين مارس 02, 2009 4:47 pm عدل 2 مرات
الوعد الصادق
الوعد الصادق
مشرف عام

عدد الرسائل : 225
العمر : 56
تاريخ التسجيل : 09/02/2009

https://sami313.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

سيرة حياة المراجع العظام Empty رد: سيرة حياة المراجع العظام

مُساهمة من طرف الوعد الصادق الأربعاء فبراير 11, 2009 12:20 am

شعبية الفكر الإسلامي عند السيد

لقد تكونت ونمت وتربت على الخط الإسلامي الصحيح الذي طرح السيد الشهيد، وامتلكت رصيداً قوياً في الصراع ودليلاً قاطعاً في الحجاج، ولكن المستوى العميق الذي طرحه شهيدنا في "اقتصادنا وفلسفتنا" لا يمكن استيعابه من قبل القطاعات الكبيرة من أبناء الأمة بل هناك صعوبة بالغة حتى في تدريسه وشرحه؛ لذلك وبعد ثلاث سنوات من تأليف كتاب فلسفتنا طرح الشهيد كتاب المدرسة الإسلامية لعموم أبناء الشعب، وقد ركز كتاب المدرسة الإسلامية على مبحثين مهمين هما:

1 ــ الإنسان المعاصر والمشكلة الاجتماعية. وقد تناول فيه المسائل المهمة التالية:

أ ــ الإنسان المعاصر وقدرته على حل المشكلة الاجتماعية.

ب ــ الديمقراطية الرأسمالية.

ج ــ الاشتراكية الشيوعية.

د ــ الإسلام والمشكلة الاجتماعية.

هــ ــ موقف الإسلام من الحرية والضمان.

2 ــ ماذا تعرف عن الاقتصاد الإسلامي: وقد تناول في هذا البحث ما يلي:

أ ــ ما هو نوع الاقتصاد الإسلامي.

ب ــ الاقتصاد الإسلامي كما نعوض به.

ويقول السيد الشهيد في معرض تبيانه لضرورة المدرسة الإسلامية: "وقد لاحظنا من البدء مدى التفاوت بين الفكر الإسلامي في مستواه العالي وواقع الفكر الذي نعيشه في بلادنا بوجه عام حتى يصعب على كثير مواكبة ذلك المستوى العالي إلا بشيء كثير من الجهد، فكان لابدّ من حلقات متوسطة يتدرج خلالها القارئ إلى المستوى الأعلى ويستعين بها على تفهم ذلك المستوى الأعلى وهنا نشأت فكرة (المدرسة الإسلامية)".

وللشهيد الكريم مؤلفات كثيرة تتجاوز الثلاثين مؤلفا وكلها تعد من المؤلفات العظيمة التي أضفت على المكتبة الشيعية صبغة التكامل في الطرح الإسلامي وسلبت الحرية التي كانت بيد الأعداء من أن المسلمين يفتقرون إلى النظرية المتكاملة في الطرح، ونذكر هنا إضافة لما ذكرنا بعض مؤلفات الشهيد رضوان الله تعالى عليه:

1 ــ البنك اللاربوي في الإسلام.

2 ــ الأسس المنطقية للاستقراء.

3 ــ بحث حول المهدي.

4 ــ بحث حول الولاية.

5 ــ دروس في علم الأصول.

6 ــ بحوث في العروة الوثقى (أربع مجلدات).

7 ــ تعليقة على منهاج الصالحين.

8 ــ لمحة فقهية عن دستور الجمهورية الإسلامية.

9 ــ المرسل والرسول والرسالة.

10 ــ غاية الفكر في الأصول (خمس أجزاء).

لقد كتب الشهيد السعيد للأمة الإسلامية في كل حقول المعرفة الدينية والفكرية، مراعياً مختلف قطاعات الأمة ــ كما وضحنا ذلك ــ فكتب لها في نظرية المعرفة وتفسير الكون ووجود الله تعالى بأسلوب المقارنة مع المدارس المضادة كالمدرسة الماركسية والمنطقية الوضعية، وكتب لها عن المهدي على أساس الحقائق العلمية والعقلية في إطار المسيرة العامة للبشرية؛ مجيباً على كل الأسئلة المطروحة في شخص المهدي، في كتاب بحث حول المهدي.

وكتب لها في الرسالة والرسول مثبتاً بالأدلة القاطعة ربانية الإسلام ونبوة محمد بن عبد الله ــ صلى الله عليه وآله وسلم ــ في كتاب المرسل والرسول والرسالة.

كما كتب الشهيد السعيد في العبادة الإسلامية، وأوضح بأن العبادة ضمن إطار الحاجات الثابتة التي يواجهها الإنسان في جميع العصور على أساس حاجته للإرتباط بالمطلق مع الإشارة إلى الدور الاجتماعي في العبادة ذاتها في كتاب نظرة عامة في العبادات الإسلامية. هذا ولم يكن السيد الشهيد يكتب للترف أو للمجد الشخصي، وإنما للأمة الإسلامية بهدف التحرك الفكري والسياسي والاجتماعي والجهادي، ومن أجل تحقيق الحكم الإلهي العادل، ولذا تميزت كتاباته بالروح الحركية، وعلى هذا قال الشهيد السعيد في مقدمة كتاب فلسفتنا "وكان لابدّ للإسلام أن يقول كلمته في معترك هذا الصراع المرير ــ الصراع الفكري على أرض الإسلام ــ ليتاح للأمة أن تعلن كلمة الله وتنادي بها وتدعو إليها كما فعلت في فجر تأريخها العظيم، وليس هذا الكتاب إلا جزء من تلك الكلمة.."، ولكي يجابن الإنسان المسلم أعداءه بالمنطق الذي تفرضه المرحلة التي يعيشها، ولكي يطرح الإسلام بمنطق يتناسب وروح العصر؛ جاءت كتابات الشهيد السعيد ثرية بالحيوية وتجديدية بمعنى الكلمة، فأسلوبها يتمتع بالسبك اللغوي المتين ومنهجيتها حديثة عصرية.
الوعد الصادق
الوعد الصادق
مشرف عام

عدد الرسائل : 225
العمر : 56
تاريخ التسجيل : 09/02/2009

https://sami313.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

سيرة حياة المراجع العظام Empty رد: سيرة حياة المراجع العظام

مُساهمة من طرف الوعد الصادق الأربعاء فبراير 11, 2009 12:22 am

العمل النسوي في منهج السيد الشهيد محمد باقر الصدر

لم يغب عن ذهن الشهيد صورة العمل النسوي في أوساط الأمة فتعاهده على طول عمله الجهادي وأعد له أخته المجاهدة العالمة آمنة حيدر الصدر "المكناة ببنت الهدى"، وقد مارست السيدة الشهيدة العمل للإسلام منذ صغرها، وكانت تسير مع أخيها في تحركاته، وتكملها على الصعيد النسوي.

وينبغي للمتابع لمسيرة السيد الصدر الجهادية أن ينظر إلى بنت الهدى ونتاجاتها على أنها الامتداد الطبيعي لعمل السيد في المجال النسوي. وكان عمل العلوية المجاهدة بنت الهدى من خلال محورين رئيسيين هما:

1 ــ المحور الثقافي: إعداد الفتيات الرساليات من خلال المحاضرات والندوات ومتابعة عبادة الفتيات ونشر الحجاب الإسلامي بينهن، وكانت ــ رحمها الله ــ تشرف على مدارس الزهراء (ع) للبنات في الكاظمية والنجف الأشرف، فقد كانت تسافر ثلاث أيام إلى الكاظمية لمتابعة الإشراف والتفقد للمدرسة فيها.

2 ــ المحور الفكري: وقد كان للسيدة الشهيدة باع طويل في النتاجات الفكرية وخصوصاً فيما يتعلق في مجال المرأة، ويمكن حصره في ميادين مختلفة منها كتابة القصة: وتعتبر العلوية الشهيدة رائدة القصة النسوية الإسلامية وقد أثرت على النساء من خلال هذا الفن، ومن قصصها:

1 ــ ليتني كنت أعلم.

2 ــ امرأتان ورجل.

3 ــ لقاء في المستشفى.

4 ــ الباحثة عن الحقيقة.

5 ــ ذكريات على تلال مكة.

وغيرها الكثير من روائع القصص، والتي تقول عنها الشهيدة هذه البضاعة المسجاة والمجموعة الإسلامية كمذكرة أخوية تزداد بها مناعة ووقاية من السموم الأجنبية الفاتكة وهي بالوقت نفسه بلسم لجراحها وشفاء لصدرها وقوة جبارة لبعض نقاط ضعفها..

ولقد شاركت بنت الهدى السيد الشهيد في جميع مصائبه حتى نالت شرف الشهادة الرفيعة معه، وقد سبق منها أن قالت كلمة معبرة تربط حياتها بحياة أخيها فيها كعمتها زينب وجدها الحسين ــ عليهما السلام ــ حيث قالت "إن حياتي من حياة أخي وسوف تنتهي حياتي مع حياته إن شاء الله".

وقد قيّم الإمام الخميني (قده) هذه العلوية الطاهرة بقوله "… وشقيقته المكرمة المظلومة والتي كانت من أساتذة العلم والأخلاق ومفاخر العلم والأدب". اعتقالاته

الاعتقال الأول: وكان عام 1971م، وقد حاول النظام الظالم اعتقاله ولكن تدهور حالته الصحية جعلهم يدخلوه في المستشفى مقيد اليدين ومربوطاً بسلاسله إلى سرير المستشفى.

الاعتقال الثاني: وكان عام 1974م عندما اشتد التلاحم الجماهيري مع السيد الشهيد، فاعتقل واقتيد هذه المرة من النجف إلى بغداد للتحقيق معه.

استشهاده

لقد خشى الطاغية صدام من وجود السيد الشهيد حتى وإن كان محتجزاً في بيته فبمجرد وجوده كان كالكابوس للنظام العفلقي، لذلك اعتقل السيد المجاهد وأخته العلوية الطاهرة "بنت الهدى" بتاريخ 5/4/1980م ونقلا إلى بغداد حيث قام النظام الكافر بأخس جريمة في سجله الإجرامي بقتل المرجع المفكر العظيم ودفن في مدينة النجف الأشرف وذلك يوم الأربعاء المصادف 9/4/1980م. فسلام الله عليه وعلى أخته العلوية المجاهدة يوم ولدا ويوم استشهدا ويوم يبعثان أحياء.

الروح الجهادية

في الوقت الذي كانت فيه الروح الجهادية في الحوزة العلمية تقترب نحو الأفول، جاء سيدنا الشهيد ليبني جيلاً حوزوياً مجاهداً يعرف العلم بوصفه طريقاً ووسيلة، طريقاً لإحقاق الحق وإزهاق الباطل، فكان يبث في تلامذته هذه من خلال القول ومن خلال العمل حتى كانت كل حياته وعمره الشريف حياة جهاد مرير، ومطاردة وملاحقة من قبل الظالمين، وحتى قدم بشهادته الشريفة منهجاً لكل علماء الدين، وطلبة العلوم الدينية، ونقلهم من حالة المواجهة والوقوف بوجه الباطل.

إننا نعتقد أن هذا الأمر كان تغييراً كبيراً في عالم الحوزة العلمية التي كانت تعيش في النجف الأشرف وإلى يومنا هذا، ولا تظهر قيمة هذا الدرس العظيم بعدة من تلامذته المجاهدين إنما تظهر بسير جهادي كامل رسمه السيد الشهيد للحوزات العلمية على مدى عمرها وحتى يأذن الله تعالى لوليه بالفرج.

أود هنا أن أشير إلى حقيقة مأساوية مرة.. وكان الاعتزال لطلب العلم هو مقياس الفضول والشرف، أما السيد الشهيد فقد استطاع بجهاده، وتربيته ثم شهادته أن يغير هذه المقاييس الباطلة التي كانت تحول دون الوصول إلى حوزة رشيدة..

فلسفة الشهادة

في ضوء هذا الظرف السياسي والاجتماعي، وفي ضوء فهم معمق لوضع الأمة ومستوى تحملها، ومدى وعيها، لم تكن حركة السيد الشهيد هادفة إلى إطاحة النظام الحاكم بالفعل، بمقدار ما هي هادفة إلى تعرية هذا النظام، وايقاظ ضمير الأمة الذي مات أو يوشك أن يموت!! أكثر من مرة قال السيد الشهيد:

(إن الأمة تحتاج إلى دمي)

(الأمة لا يوقظها إلا دمي)

(الأمة لا تتحرك إلا إذا أعطيناها دماءنا).

ودم السيد الشهيد لا يمكن أن يكون وحده، إن معه دماء أصحاب الحسين (ع).
في هذه المرحلة، وفي ظل هذه الظروف، فإن الشهادة هي السبيل الوحيد القادر على الانتصار، كما انتصر دم الإمام الحسين على طاغية زمانه يزيد بن معاوية (لعنه الله
ولله الأمر من قبل ومن بعــــــــــــــــــــــــد ..
والسلام في البدء والختام
الوعد الصادق
الوعد الصادق
مشرف عام

عدد الرسائل : 225
العمر : 56
تاريخ التسجيل : 09/02/2009

https://sami313.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

سيرة حياة المراجع العظام Empty رد: سيرة حياة المراجع العظام

مُساهمة من طرف الوعد الصادق السبت فبراير 14, 2009 4:14 am

أنا حينما أريد أن أتحدّث عن الإمام الخميني - رض - ينتابني شعور المملوك نحو صاحب الفضل عليه .
ومن أخذني من براثم الضياع من عقيدة إبتداء وبيمناه وعبر طلعته النورانيّة أخذ بشراع الضياع منّي نحو سواحل النّجاة ، حيث طاب المآل والمقام .. وكان الولاء والولاية عربون وفاء . فهل أفي حقّ المنقذ وإن طال القلم واستطال .. ولكن لن أتحدّث عن حياته القدسيّة ولا وفاته ويومها الوتر .. بل أنشد الفكر الذي دوغ به الصديق قبل العدو وما أنتج من مواقف علويّة وفتاوى حسينيّة ومبادئ جعفريّة .. فكان الإمام والقائد والمؤسس لأركان دولة العدل الإلهي .. فسلام الله عليه ما بقيت وبقي الليل والنهار ... ***

خط الإمام – رضوان الله تعالى عليه -
تمهيد:
"أقيموا العدالة، لا تطالبوا الآخرين فقط بإقامة العدالة، أقيموا العدالة على أنفسكم أيضاً"( ).
يحتل الحديث عن خط الإمام الخميني قدس سره( )من الأهمية مكانةً كبيرة.
لأن خط الإمام الخميني (قدس سره) يمثل التجربة الفريدة المعاصرة لثورة تميزت عن سائر الثورات، ثورة ما زالت تتناولها الأبحاث والتحليلات، لما فيها من مزايا وخصائص تختلف عن سائر الثورات التي شهدها العالم. وسنتحدث في الدرس الأول عن الميزات التي امتازت بها هذه الثورة المباركة والتي انطلقت بخلفية ما اصطلح على تسميته بخط الإمام الخميني (قدس سره)( ).
الارتباط بالخط الخميني:
تنطلق الكثير من الحركات التحررية متأثرة بالخط الخميني كأفق أساسي للتحرك على ضوئه في العمل السياسي والاجتماعي، وهذا الإرتباط يمكن لنا أن نصوره من خلال نوعين من العلاقة بهذا الخط:
1 ـ الارتباط العاطفي:الارتباط العاطفي، هو انشداد المؤمن إلى الصراط المستقيم، من خلال الأجواء العاطفية التي تشده إلى خط الأنبياء، والأئمة(ع(، وصراط الصالحين من عباد الله، والمجاهدين العاملين.
وهذه الأجواء لا شك أنها ذات آثار إيجابية، في بناء شخصية الإنسان المؤمن والتحاقه بالخط.
فالاحتفالات بمناسبات أهل البيت(ع)والمناسبات الإسلامية التي تخص شخصيات إسلامية، من العوامل الإيجابية المفيدة، في انشداد الإنسان المؤمن إلى هذه القافلة المباركة، من العاملين في سبيل الله السائرين على صراط الله المستقيم. وكذلك زيارات مراقد أهل البيت(ع) والأنبياء، والأولياء، والعلماء، والمجاهدين تُعدّ من العوامل المهمة في الانشداد إلى هذا الخط، والصراط العميق في التاريخ، الذي ينتظم عليه كل خطى العاملين المخلصين، والأتقياء الأبرار.
فالارتباط العاطفي بهذه المظاهر الإسلامية والتظاهرات الدينية يولد حالة من الجذب القوي لهذا الخط الذي أرساه هذا الإمام المقدس، والذي أظهر للعلن كل هذه المظاهر الشرعية، كما أن للتطبيق العملي للشريعة الإسلامية حصة كبرى في جذب القلوب الوالهة لرؤية الإسلام بأحكامه مطبقاً في ميادين الحياة.
فهذا النوع من الارتباط العاطفي مطلوب لتأجيج الحماسة في النفوس لتطبيق الإسلام والسعي لرفع لوائه، إلا أنه من دون نوع آخر من الارتباط يظل ناقصاً وتنقصه الخلفية التي تجعله متماسكا أكثر.
2 ـ الارتباط الواعي:وإلى جانب الارتباط العاطفي بالخط، هناك نوع آخر من الارتباط، وهو الارتباط الواعي بالخط. ويتلخص في فهم الخط وإدراكه بصورة واعية وعقلانية.
وهذا اللون من الارتباط يحتاج إلى عمل فكري تثقيفي، وجهد علمي، من قبل المبلغين العاملين في سبيل الله، لتقديم خط الثورة الإسلامية بصورة علمية ومقبولة. إلى الجيل الجديد مقابل الخطوط والأفكار الأخرى المطروحة.
ويتكفل الإرتباط الواعي بفكر الإمام الخميني (قدس سره) بإيجاد الخلفية العقائدية والعلمية في النفوس مما يعزز الجهود الرامية للسير على نهج هذا الخط المبارك.
المعالم العامة
سنتحدث في هذه الفقرة عن خمسة أمور هامة يتميز بها الخط المبارك لإمامنا الخميني (قدس سره)، وهي في الحقيقة أعمدة راسخة ثابتة في وجدان أتباع هذا الخط المبارك:
1 ـ الارتباط بالله تعالى:من أركان هذا الخط وميزاته وخصائصه "الربانية"الارتباط بالله سبحانه وتعالى، ارتباطاً وثيقاً قائماً على أساس العبودية الحقيقية لله تعالى، والإخلاص له، والاتكال عليه تعالى، في كل الحالات، وهذا هو قوام الخط وأساسه الأول، ومن دونه لا يبقى لهذا الخط شكل ولا محتوى. والتركيز على هذا الجانب هو المهمة الأولى لكل الأنبياء والأئمة(ع)، والدعاة إلى الله تعالى، فإن الدعوة إلى الله، وتوحيده بالعبودية هي الحجر الأساس في رسالة الأنبياء(ع) يقول الله تعالى:
(وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِين)( ).
يقول الإمام الخميني (قدس سره)
"وإن الذي نهضتم أنتم أيها الشعب النبيل المجاهد من أجله، هو أعلى وأسمى وأثمن هدف ومقصد طرح ويطرح منذ بدء العالم في الأزل وحتى نهاية العالم إلى الأبد. إنه المدرسة الإلهية بمعناها الواسع، وعقيدة التوحيد بأبعادها السامية. إنه أساس الخلق وغايته في كل آفاق الوجود"( ). 2 ـ الامتداد لنهج الأنبياء(ع):
ومن خصائص هذا الخط، أن الجذور الأولى لهذا الخط تمتد إلى رسالة الأنبياء والأئمة(ع)، فليس هذا الخط خطاً مبتوراً، اجتث من فوق الأرض، ما له من قرار، وإنما هو في أبعاده التاريخية خط الأنبياء والمجاهدين والدعاة إلى الله تعالى والأئمة(ع)وهو بذلك خط عريق، أصيل، ذو أصول ثابتة، والإحساس بهذه الحقيقة، يعمّق صلة الناس العاطفية والعقلية بهذا الخط.
يقول الإمام الخميني (قدس سره):
"وهذا الهدف متجلّ في المدرسة المحمدية ـ على صاحبها وآله أفضل الصلاة والسلام ـ بكل المعاني والدرجات والأبعاد. وإن كل مساعي الأنبياء العظام والأولياء الكرام ـ سلام الله عليهم ـ انصبت على تحقيق هذا الهدف، وبدونه لا يتيسر السبيل إلى الكمال المطلق ولا إلى الجلال والجمال اللامتناهيين.
إنه هو الذي يجعل "الأرضيين"أشرف من "الملكوتيين"، وما يناله الأرضيون من الاتجاه نحوه، لا تناله الموجودات الأخرى في كل أرجاء الخليقة ما خفي منها وما ظهر"( ).
3 ـ خط الجهاد العملي:إن هذا الخط ليس خطاً سياسياً، وجهادياً نظرياً، تبلور من خلال تنظيرات علمية ودراسات سياسية أكاديمية فقط، وإنما تبلورت أبعاد هذا الخط السياسية والجهادية من خلال ركام من جهاد وجهود العاملين وأتباعهم، وتحركهم، وسهرهم، ودمائهم ودموعهم، ومتاعبهم خلال طريق ذات الشوكة ومن خلال عذابهم، وسجونهم، وهجرتهم، وفرارهم، وقرارهم، خلال هذه الفترة المباركة من عمر المسلمين.
وهذه الجهود والمجاهدات هي غطاء لخط الإمام، وليس مجرد مجموعة نظريات ودراسات أكاديمية، وهو غطاء مبارك يبعث على الاطمئنان والأمن.
فإن الإنسان العامل، عندما يضع خطاه على هذا الخط المبارك يعلم أنه يضع خطاه على طريق شقّته أمة كبيرة من المجاهدين والعاملين في سبيل الله من خلال تجاربهم وآلامهم وعذابهم، وعملهم، وتحركهم، وجهادهم، وما رزقهم الله من نور وبصيرة خلال هذه الحركة المباركة.
4ـ خط ولاية الفقيه:ومن ميزات وخصائص هذا الخط "ولاية الفقيه"، والتأكيد على ارتباط الحاكمية بالفقيه، في عصر غيبة الإمام المهدي(عج)وبذلك تتكامل حلقات سلسلة الحاكمية والولاية في حياة الإنسان، فإن الله تعالى هو مصدر الحاكمية والولاية وقد أولى الله تعالى نبيه(ص)هذا الحق في حياة الناس النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ)( ). ويتسلسل الحكم والولاية من أئمة المسلمين(ع)، وفي عصر الغيبة تستقر هذه الولاية بصورة شرعية في الفقيه الجامع للشرائط ، الذي يلي أمور المسلمين ويتصدى لشؤونهم.
5 ـ الثبات على المبادئ:من المعالم المتميزة في خط الإمام الثبات السياسي، الصامد على مواقفه المبدئية، تجاه كل القضايا السياسية، فلم يحدث مثلاً تغيير في موقف الثورة بعد الحكم تجاه القضية الفلسطينية، أو تجاه رفض الانتماء إلى الشرق أو الغرب. وهذه من خصائص خط الإمام البارزة، وإذا وضعنا هذه الخصيصة السياسية، بإزاء المواقف الانتهازية لكثير من الأحزاب والفئات والدول، نعرف عمق مبدئية خط الإمام، والسائرين على هديه.
ميزان السلوك
الوعد الصادق
الوعد الصادق
مشرف عام

عدد الرسائل : 225
العمر : 56
تاريخ التسجيل : 09/02/2009

https://sami313.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

سيرة حياة المراجع العظام Empty رد: سيرة حياة المراجع العظام

مُساهمة من طرف الوعد الصادق السبت فبراير 14, 2009 4:24 am

تمهيد:

إن للعرفان والسلوك إلى الله تعالى في فكر الإمام الخميني (قدس سره) مكانة مرموقة، كيف لا وهو العارف الكبير، والرجل الذي أمضى عمره الشريف في جهاد نفسه وتأديبها، وكان المطيع لله تعالى، حتى حينما كان في المستشفى وفي وضع صحي صعب، لم يمنعه ذلك من القيام لله تعالى ذاكراً عابداً متهجداً.

تهذيب النفس

أول الطريق في السير إلى الله سبحانه وتعالى، هو أن يبدأ الإنسان من نفسه فينزهها عما حرمه الله تعالى عليها ويعوّدها الطاعة، وهذا يكون في فترة الشباب بالدرجة الأولى، فتهذيب النفس في عمر الشباب أثبت للإنسان وأرسخ، كما أن الشاب يكون في حالة نفسية وعقلية وجسدية أقدر من الشيوخ على القيام لله تعالى بأداء طاعاته، وهذا ما كان يؤكد عليه الإمام الخميني (قدس سره)، ويحذر أيضاً في هذا الإطار من الشيطان وألاعيبه وإغراءاته التي لا تحصى لإزالة الشباب عن مواقع الطاعة والتهذيب إلى مراتع الهوى واللعب واللهو والغفلة يقول (قدس سره):
"اسعَ في إصلاح نفسك ما دمت تحظى بنعمة الشباب، فإنَّك ستخسر كل شيءٍ في الشيخوخة، فمن مكائد الشيطان ولعلها أخطر مكائده، التي سقط فيها أبوك ومازال، إلا إذا أدركته رحمة الحق تعالى، "الاستدراج"ففي أوائل الشباب يسعى شيطان الباطن أشدُّ أعداء الشباب، في ثنيه عن إصلاح نفسه ويمنّيه بسعة الوقت، وأن الآن هو آن التمتع بالشباب، ويستمر في خداعه بالوعود الفارغة ليصدّه عن فكرة الإصلاح تماماً، وساعة بعد ساعة، ويوماً بعد يوم يتصرّم الشباب، ويرى الإنسان نفسه فجأة في مواجهة الهرم الذي كان يؤمِّل فيه إصلاح نفسه، وإذا به ليس بمنأىً عن وساوس الشيطان أيضاً، إذ يمنّيه آنذاك أيضاً بالتوبة في آخر العمر. لكنه حينما يحُسُّ بالموت في آخر العمر، يصبح الله تعالى أبغض موجود إليه، لأنه يريد انتزاع الدنيا محبوبه المفضّل منه. وهذه حالة أولئك الذين لم ينطفئ نور الفطرة فيهم تماماً. وهناك من أبعدهم مستنقع الدنيا عن فكرة الإصلاح كلياً، وسيطر عليهم غرور الدنيا بشكل تام، وقد رأيت أمثال أولئك بين أهل العلوم المتعارفة، ومازال بعضهم على قيد الحياة، وهم يرون أن الأديان ليست سوى خرافة وترهات "( ).

ما هو تهذيب النفس؟

تهذيب النفس هو لبُّ العرفان كما أشار لذلك الإمام الخميني (قدس سره) في وصيته لابنه السيد أحمد (قدس سره)، فقد أشار له في إحدى وصاياه، أن يحذر من أن يدركه الهرم وهو لا يزال يراوح مكانه في تهذيب النفس ونهيها عن السعي للدنيا لأجل الدنيا، وهذا ما يحتاج إلى مراقبة دؤوبة، وسعي دائم وحثيث للمحاسبة والمعاتبة عند الوقوع في الخطأ، ومن ثم جعل الحياة كلها بحركاتها وسكناتها لله تعالى، حتى الأكل والشرب والنوم، فبإمكان أي منا أن يحول كل هذه المباحات إلى طاعة لله تعالى كأن ينوي بذلك الاستعانة على العبادة وخدمة العباد المؤمنين، يقول الإمام الخميني(قدس سره):
"استمع الموعظة الواحدة التي يعظنا بها الله، وأرهف لها سمع القلب والروح، ثم اعقلها تماماً، وسر في خطها. يقول تعالى قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى...)( )؛ فالميزان في بدء الحركة إنما هو في كونها "قياماً لله"سواء في الممارسات الشخصية والفردية أو في الفعاليات الاجتماعية. فاسعَ أن تكون موفّقاً في هذه الخطوة الأولى، وما أسهل ذلك في أيام الشباب، وأوفر حظه من التوفيق، وإياك أن يفاجئك الهرم مثل أبيك وأنت إما مراوح في مكانك أو متراجع القهقرى؛ والأمر محتاج في تفاديه إلى المراقبة والمحاسبة"( ).

التوجه لله لا يعني الاعتزال

قد يتصور بعض الناس أن التوجه والانقطاع لله تعالى يعني ترك العلاقات الاجتماعية والابتعاد عن الناس وخدمتهم والسعي للمعاش، وهذا ما كان يحذر منه الإمام الخميني (قدس سره) بشكل دائم، فالعرفان لا يعني التصوف والرهبانية، إذ لا رهبانية في الإسلام، بل إن إحدى طرق التقرب إلى الله تعالى هي خدمة خلقه وعباده والسعي في قضاء حوائجهم، يقول (قدس سره):
"إنّ الميزان في الأعمال هو النوايا التي تستند إليها، فلا الاعتزال الصوفي دليل على الارتباط بالحق، ولا الدخول في خِضَمّ المجتمع وإقامة الحكومة شاهد على الانقطاع عن الحق، فما أكثر ما يكون العابد والزاهد واقعاً في شراك إبليس التي تشتد وتتوسع بما يناسب ذلك العابد كالأنانية والغرور والعُجب والتكبر واحتقار خلق الله والشرك الخفي وأمثال ذلك مما يبعده عن الحق، ويجرّه نحو الشرك؛ وما أكثر ما يرتقي المتصدي لشؤون الحكومة، فيحظى بلبِّ قرب الحق لما يحمله من دافع إلهي كداود وسليمان (قدس سره) بل وأفضل منها وأسمى منزلةً، كالنبي الأكرم(ص)وخليفته بالحق علي بن أبي طالب(ع) وكالمهدي (أرواحنا لمقدمه الفداء) في عصر حكومته العالمية.
فميزان العرفان والحرمان إذن هو الدافع، وكلما كانت الدوافع أقرب إلى نور الفطرة، وأكثر تحرراً من الحجب حتى النورية منها كانت أكثر التصاقاً بمبدأ النور"( ).

عقبات على طريق المعرفة:

أشار الإمام الخميني (قدس سره)إلى الكثير من العقبات التي تحول بين الإنسان المؤمن والسلوك إلى الله تعالى، وسنشير إلى أهم هذه العقبات التي نبهنا منها لعلّنا نستفيد من ذلك في تخلية الطريق من عقبات قد تسير بنا إلى غير الوجهة والهدف الأساسي الذي نرمي إليه.

1 ـ حب الأنا:

الأنا هي النفس، والمقصود من حب النفس ليس حب الخير لها وبغض الشر، بل المقصود أن تصبح هذه الأنا كعبة الإنسان وتكون محور حركته دون رضا الله وطاعته، وهي من أخطر العقبات بل هي أكبر الموانع من الوصول لمعرفة الله سبحانه وتعالى وكم حذر منها علماء الأخلاق، وكم نبه إمامنا الخميني (قدس سره) تلامذته وأحبته إليها. ومن وصاياه في التحذير من الأنا:
"هنالك أمر مهم بالنسبة لنا نحن المتخلفين عن قافلة الأبرار، وأرى أنه قد يكون ذا أثرٍ في بناء النفس لمن كان بصدد ذلك. فعلينا أن ندرك أن منشأ ارتياحنا للمدح والثناء، واستيائنا من الانتقاد ونشر الشائعات، إنّما هو حب النفس الذي يُعدُّ من أخطر الأشراك التي ينصبها إبليس اللعين.
نحن نرغب في أن يكون الآخرون مادحين لنا، حتى وإن أظهروا أن لنا أفعالاً صالحة وحسنات وهمية تفوق بمئات المرات حقيقة ما نحن عليه، كما إنّنا نرغب في أن تكون أبواب الانتقاد ـ وإن كان حقاً ـ موصدة دوننا، أو أن يتحول الانتقاد إلى مديح وثناء! ونحن لا يزعجنا الحديث عن معايبنا لأنه ليس حقاً، كما لا يسرنا المديح والثناء لأنه حق، بل لأن هذا العيب هو "عيبي أنا"وهذا المدح هو "مدح لي أنا"؛ وهو أمر سائد في أوساطنا هنا وهناك وفي كلِّ مكان. وإذا أردت أن تتحقق من صحة هذا الأمر، فتأمّل بما يصيبك من الانزعاج إذا انبرى المداحون لمدح أحد الأشخاص على فعل قام به، وكنت قد قمت بذات الفعل، ستنزعج حتى إذا كان ما قام به أفضل مما قمت به أنت، وخصوصاً إذا كان ذلك الشخص من أقرانك وزملائك، وأوضح من هذا المثال:عندما ترى أن عيوب شخص صارت مدائح؛ ففي تلك الحال، تيقّن أن للشيطان وللنفس ـ التي هي أسوأ من الشيطان ـ يداً في الأمر"( ).

2 ـ الغفلة عن الله تعالى:
يحذرنا الإمام الخميني (قدس سره)من الوصول إلى مرحلة نسيان الله تعالى، وعدم الإلتفات إليه بحيث يخرج من حساباتنا، واعتبر هذا الأمر في غاية الخطورة، لأن الإنسان في هذه الحالة يصبح مصداقاً لقوله سبحانه وتعالى:
(اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ( )وقوله عز وجل وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)( ). يقول (قدس سره):
"إن نسيان الله موجب لنسيان النفس، سواء أكان النسيان بمعنى عدم التذكر، أو بمعنى الترك. وفي كلا المعنيين إنذار مروّع.
إن ما يلازم نسيان الله تعالى هو نسيان الإنسان نفسه؛ أو قل إن الله تعالى يجرّه إلى نسيان نفسه، وهو أمر يصدق على جميع المراحل السابقة. فمن ينسَ الله وحضوره جلّ وعلا في مرحلة العمل يُبتلَ هو نفسه بنسيان نفسه، أو أنّه يُجرُّ إلى ذلك؛ ينسى عبوديته فيُجرّ من مقام العبودية نحو النسيان.
فمن لا يعرف ما هو، ومن هو، وما هي وظيفته، وما هي العاقبة التي تنتظره، فإن الشيطان حالٌّ فيه، وجالس بدلاً من نفسه، والشيطان عامل على العصيان والطغيان. وإذا لم يثب ذلك الإنسان إلى رشده، ويرجع إلى ذكر الله، وغادر هذا العالم وهو على هذه الحال من الطغيان والعصيان، فقد يأتي في ذلك العالم على شكل شيطان مطرود من قِبَل الله تعالى.
أما إذا كان النسيان بمعناه الآخر (أي:الترك)، فإن الأمر سيكون أشدّ إيلاماً، لأنه إذا ترك طاعة الله، وترك الله، فإن ذلك يستوجب أن يتركه الله ويكِله إلى نفسه، ويقطع عنه عناياته. ولاشك أن الأمر سينتهي به إلى الخذلان في الدنيا والآخرة. لذا نرى كثرة ما ورد من تأكيد الدعاء بعدم الإيكال للنفس في الأدعية المأثورة عن المعصومين لأنهم(ع يدركون نتائج هذه المصيبة، في حين أننا غافلون عنها"( ).

3 ـ حب الدنيا:

وأما حب الدنيا فإنه من أشد الأخطار على علاقة الإنسان بربه، وهذا ما حذرنا منه الإمام (قدس سره) حيث يقول:
"لا تسعَ للحصول على الدنيا أبداً حتى الحلال منها ـ فإن حبَّ الدنيا ـ حتى حلالها رأس جميع الخطايا، وهي حجاب سميك يضطر الإنسان إلى الحرام منها. فأنت شاب تستطيع ـ بما حباك الله به من القوة ـ منع أول قدم تزلّ نحو الانحراف، فتمنع بذلك من التحاقها بخطىً أخرى، فلكل قدمٍ قدمٌ أخرى تتلوها، وكل ذنب ـ مهما صَغُر ـ يجرُّ المرء نحو ذنوبٍ أكبر، حتى تستحيل الذنوب الكبيرة في نظره لمماً يُستهان بها، بل قد يبلغ الأمر بالبعض أن يفتخروا بارتكاب بعض الكبائر!لا بل قد يصل الوضع لدى البعض الآخر حدّاً ـ أحياناً ـ يجعلهم يرون المنكر معروفاً والمعروف منكراً! نتيجة شدة وكثافة الظلمات والحجب الدنيوية"( ).

خاتمة:
هذا شيء قليل مما نبه عليه الإمام الخميني (قدس سره)أحباءه وأولاده وأمته، ولو أردنا أن نستعرض كل ما ورد من كلامه في هذا المضمار فإنه لا يمكن حصره بدرس أو اثنين فللإمام (قدس سره) باع طويل ومؤلفات كثيرة في تهذيب النفس والسلوك إلى الله تعالى، وفقنا الله وإياكم للعمل بسنة الصالحين بحق سيد المرسلين وآله الطاهرين...
-- منقول عن موقع جبشيت .. وكل الأجر لصاحبه ..--
*** ثمّ نواصل مع فكر الإمام – قدّست روحه الزكيّة – ولو بعد حين .. **
الوعد الصادق
الوعد الصادق
مشرف عام

عدد الرسائل : 225
العمر : 56
تاريخ التسجيل : 09/02/2009

https://sami313.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

سيرة حياة المراجع العظام Empty رد: سيرة حياة المراجع العظام

مُساهمة من طرف استاذ الفلسفة الأحد فبراير 15, 2009 4:39 pm

السلام على السيد الشهيد السعيد
والعالم الرباني الفريد
استاذ الفلسفة
استاذ الفلسفة

عدد الرسائل : 12
العمر : 47
تاريخ التسجيل : 13/02/2009

http://www.al-hasany.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

سيرة حياة المراجع العظام Empty رد: سيرة حياة المراجع العظام

مُساهمة من طرف الوعد الصادق الأحد فبراير 15, 2009 6:09 pm

شاء أهل البغي وأبناء الأدعياء أن يُخفوا مقام هذا العظيم .. وقد أفلحوا ولو لحين ، حيث لم نعرفه إلاّ عند شهادته على أيدي أبناء الزنا .. وبعد سقوط الصنم رأيناه طودا شامخا زينه كفن من أرض الطفوف .. وكانت نظراته توحي إليك بأنّه من صلب قتيل العَبْرَةَ "ع" وكانت مجلسه يُعلمك بأنك مع من كان جدّه أبي تراب "ع" فكان المولى رجل وكأنما جاء من القرن الأوّل .. أو جيء به ... فأستعجل الرحيل ...**
** فسلام على الصدر يوم مولده ويوم شهادته ويوم اللقاء ..**
..أيها التاريخ قف هاهنا فلا ينسيك احد ما جرى وما يجري فلا تقبل الرشا وخذ من أهل الأمانة واسرد ثم اسرد فهنا الشهادة بالحق وسرد الحقائق ولا تأخذك في الله لومة لائم ثبتوا الحقائق والوقائع ولا يتقول قائل بزخرف القول بعنوان(إساءة) لان ضوء الحقيقة ساطع فيكشف ما في الزوايا المظلمة فسبحان الله كل من يذكر حقيقة (يسيء) ساء ما يحكمون بوركت وسددت لخدمة الحق وأهل الحق أيها الناطق بالحق ...
وصل اللهم على محمد وال محمد وعجل اللهم فرج قائم ال محمد .

ولادته ونشأته
ولد السيد الشهيد محمد محمّد صادق الصدر في (17 ربيع الاول عام 1362 هـ الموافق 23 / 3 / 1943م في مدينة النجف الاشرف).

اما نسبه فيرجع «الى الإمام موسى بن جعفر عليه السلام في سلسلة نسبية قليلة النظير في صحتها ووضوحها وتواترها، فهو محمد ابن السيد محمد صادق ابن السيد محمد مهدي ابن السيد اسماعيل (الذي سميت اسرة الصدر بأسمه) ابن السيد صدر الدين محمد ابن السيد صالح بن محمد بن ابراهيم شرف الدين (جد أسرة آل شرف الدين) ابن زين العابدين ابن السيد نور الدين علي ابن السيد علي نور الدين بن الحسين بن محمد بن الحسين ابن علي بن محمد بن تاج الدين أبي الحسن بن محمد شمس الدين بن عبد الله بن جلال الدين بن احمد بن حمزة الاصغر بن سعد الله بن حمزة الاكبر بن أبي السعادات محمد بن ابي محمد عبد الله (نقيب الطالبيين في بغداد) بن أبي الحرث محمد بن أبي الحسن علي بن عبد الله بن أبي طاهر بن ابي الحسن محمد المحدّث بن أبي الطيب طاهر بن الحسين القطعي بن موسى أبي سبحة بن ابراهيم المرتضى ابن الإمام أبي ابراهيم موسى بن جعفر الكاظم عليه السلام».
نشأته
نشأ سماحته في اسرة علمية معروفة بالتقوى والعلم والفضل، ضمّت مجموعة من فطاحل العلماء منهم جده لامه آية الله الشيخ محمد رضا آل ياسين (قدس سره) ومنهم والده الحجة السيد محمد صادق الصدر (قدس سره) الذي كان آية في التقوى والتواضع والزهد والورع، واذا كان احد يوصف بانه قليل النظير في ذلك فان الوصف ينطبق تماماً على المرحوم السيد محمد صادق الصدر (قدس سره).

ذكر احد المقربين من السيد محمد باقر الصدر (رضوان الله عليه) ان المرحوم الحجة السيد محمد صادق الصدر شكا له ولده السيد محمداً الصدر لا من عقوق ولا جفاء ولا قصور او تقصير بل من كثرة عبادته وسهره في الدعاء والبكاء حتى اوشك على اتلاف نفسه فما كان من السيد محمد باقر الصدر إلاّ ان بعث اليه وطلب منه الاعتدال في العبادة فاستجاب له لانه كان مطيعاً لاستاذه محباً له لا يعصيه ولا يخالفه.

ومن سماته وخصاله: خُلقه الرفيع المبرّأ من كل رياء او تصنع ويكفيك ان تعايشه دقائق لتعرف ذلك فيه واضحاً جلياً يغنيك العيان عن البرهان.

تخرج السيد محمد محمد صادق الصدر من «كلية الفقه في النجف الاشرف في دورتها الاولى عام 1964».

وكان من المتفوقين في دروسه الحوزوية كما تؤكد روايات زملائه من تلاميذ ابن عمه الشهيد آية الله محمد باقر الصدر الذي تزوج ثلاثة من أولاد الصدر الثاني وهم مصطفى ومقتدى ومؤمل من بناته.

وبغض النظر عن مراحل دراسته التي تخطاها بتفوق وجدارة يكفي ان نشير الى أن سماحته يعتبر من ابرز طلاب السيد محمد باقر الصدر (رضوان الله عليه) ومقرري ابحاثه الفقهية والاصولية.

ومن المعروف ان مدرسة السيد محمد باقر الصدر (رضوان الله عليه) تعتبر ارقى مدرسة علمية في المعرفة الفقهية والاصولية عمقاً وشمولا ودقة وابداعاً. ويعتبر سماحته علماً من اعلام تلك المدرسة المتفوقة والمتميزة.

وقد درس (قدس سره) جملة من العلوم والمعارف الدينية عند مجموعة من الاساتذة نذكر اهمهم على نحو الاجمال:

1 - الفلسفة الالهية، درسها عند المرحوم الحجة محمد رضا المظفر صاحب كتاب اصول الفقه والمنطق.

2 - الاصول والفقه المقارن، على يد الحجة السيد محمد تقي الحكيم.

3 - الكفاية درسها عن السيد محمد باقر الصدر (رضوان الله عليه).

4 - المكاسب درسها عند استاذين الاول محمد باقر الصدر والثاني الملا صدر البادكوبي.

5 - ابحاث الخارج وهي اعلى مستوى دراسي حوزوي حضر عند عدد من الاساتذة الفطاحل وهم:

الإمام السيد محسن الحكيم

آية الله السيد محمد باقر الصدر

الإمام السيد الخميني

آية الله السيد الخوئي

رضي الله عنهم اجمعين، فنال على ايدي هؤلاء مرتبة الاجتهاد والفتوى التي اهلته للمرجعية العليا.

باشر بتدريس الفقه الاستدلالي (الخارج) اول مرة عام 1978، وكانت مادة البحث من (المختصر النافع) للمحقق العلامة الحلي. وبعد فترة باشر ثانية بالقاء ابحاثه العالية في الفقه والاصول (ابحاث الخارج) عام 1990 واستمر متخذاً من مسجد الرأس الملاصق للصحن الحيدري الشريف مدرسة وحصناً روحياً لانه اقرب بقعة من جسد امير المؤمنين علي بن ابي طالب (عليه السلام).


عطاء فكري ثري

تأثر الشهيد السيد محمد محمد صادق الصدر (قدس سره) بافكار اساتذته من العلماء والمراجع اذ أن مجرد معرفة عدد من اسماء هؤلاء الاساتذة ستساعد في توضيح الملامح الفكرية لشخصيته، فهو درس لدى الإمام الخميني (قدس سره) والشهيد آية الله السيد محمد باقر الصدر وآية الله السيد الخوئي، وآخرين، إلاّ انه اذا تجاوزنا المشترك الفقهي لهؤلاء الثلاثة، يمكن القول انه استلهم الفكر الثوري من تجربة ودروس الإمام الخميني (قده)، واستلهم همّ المشروع التغييري في العراق من تجربة ودروس ونظريات آية الله السيد محمد باقر الصدر الذي يعد أكبر مفكر اسلامي في العصر الحديث، ولذا يمكن القول، ان السيد محمد محمد صادق الصدر قد وظف بالاضافة الى قدراته الفقهية التقليدية تجربتين في تجربته، التجربة الخمينية، والتجربة الصدرية الاولى، فهو توجه بكل جهوده الى الجانب الاصلاحي العملي الذي يحقق حضوراً تغييرياً في وسط الامة، وانجز أول تجربة عملية تغييرية يقودها فقيه في بلد مثل العراق بحركة إنتاج فقهي، عملي ايضاً، أي بمعنى فقه يواكب حركة الحياة، بتطوراتها، ومستجداتها، وتحدياتها، وآفاقها المستقبلية، اذ انه أراد أن يربط الفقه بالواقع وأن يبعث فيه روح التجديد، وبهذا الاستنتاج يمكن القول إن السيد محمد محمد صادق الصدر كان فقيهاً عملياً واقعياً معاصراً ثورياً، قد لا يتطابق في ثوريته مع الإمام الخميني، وقد لا يُصنف في انتاجه الفكري مع الفكر الصدري الاول، إلاّ انه ضمن الظروف التي عاشها استطاع أن يقترب من الاثنين وأن يوظّف منهجهما المرجعي وأن يتأثر بتجربتهما، وأن يصوغ ملامح تجربته الخاصة. ومرةً اخرى لابد من التأكيد بان قيمة هذه التجربة تنبع من كونها عراقية، بكل استثناءات العراق المعروفة، المتعلقة بالسلطة والجو السياسي، والامة، وموقع الحوزة.

ومهما يكن من أمر فان الصدر الثاني ترك وراءه عدداً مهماً من المؤلفات التي قد تساعد في فهم ملامح مشروعه العام.

يتبع
الوعد الصادق
الوعد الصادق
مشرف عام

عدد الرسائل : 225
العمر : 56
تاريخ التسجيل : 09/02/2009

https://sami313.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

سيرة حياة المراجع العظام Empty رد: سيرة حياة المراجع العظام

مُساهمة من طرف الوعد الصادق الأحد فبراير 15, 2009 6:14 pm

مؤلفاته :

1 - نظرات إسلامية في إعلان حقوق الإنسان

2 - فلسفة الحج في الإسلام

3 - اشعة من عقائد الإسلام

4 - القانون الإسلامي وجوده، صعوباته، منهجه

:5 - موسوعة الإمام المهدي، صدر منها

أ - تاريخ الغيبة الصغرى

ب - تاريخ الغيبة الكبرى

ج - تاريخ ما بعد الظهور

د - اليوم الموعود بين الفكر المادي والديني

6 - ما وراء الفقه (موسوعة فقهية)، وهو عشرة أجزاء

7 - فقه الأخلاق

8 - فقه الفضاء.

9 - فقه الموضوعات الحديثة.

10 - حديث حول الكذب.

11 - بحث حول الرجعة.

12 - كلمة في البداء.

13 - الصراط القويم.

14 - منهج الصالحين (وهي رسالة عملية موسعة اشتملت على المسائل المستحدثة).

15 - مناسك الحج.

16 - كتاب الصلاة.

17 - كتاب الصوم.

18 - أضواء على ثورة الإمام الحسين (عليه السلام).

19 - منّة المنان في الدفاع عن القرآن (قد يصل إلى خمسين مجلداً).

20 - منهج الاصول.

21 - التنجيم والسحر.

22 - مسائل في حرمة الغناء

مخطوطاته

رغم ما امتاز به السيد الصدر (قدس سره) من كتبه المطبوعة إلاّ انه لا تزال هناك جملة من كتبه المخطوطة تنتظر الطبع، منها:

1الجزء السادس من موسوعة الإمام المهدي بعنوان هل إن المهدي طويل العمر

بحث الخارجي الاستدلالي الفقهي حوالي 8 أجزاء2

دورة في علم الاصول على يد المحقق السيد الخوئي.

4 - بين يدي القرآن.

5 - دورة في علم الاصول على يد السيد أبي جعفر.

6 - مباحث في كتاب الطهارة الاستدلالي.

7 - المعجزة في المفهوم الإسلامي.

8 - مبحث في المكاسب.

9 -( مجموعة أشعار الحياة (ديوان شعر

10 - اللمعة في أحكام صلاة الجمعة.

11 - الكتاب الحبيب إلى مختصر مغني اللبيب.

12 - بحث حول الشيطان.

13 - تعليقه على رسالة السيد الخوئي.

14 - تعليقة على كتاب المهدي لصدر الدين الصدر.

15 - سلسلة خطب الجمعة.

16 - فقه الكيمياء.

17 - وصيته.

18 - أجزاء باقي كتاب منهج الأصول.

19 - شرح كتاب الكفاية.

ومن خلال قائمة المؤلفات هذه تتضح بعض اهتمامات الشهيد الصدر الثاني بالفقه المعاصر وان كل مؤلف من هذه المؤلفات شكل قضية من القضايا وحاجة من الحاجات الملحة للكتابة فيها.

:اجازته في الرواية

له اجازات من عدة مشايخ في الرواية اعلاها من: آية الله حسن الطهراني المعروف بـ (اغا بزرك الطهراني) صاحب الذريعة عن اعلى مشايخه وهو الميرزا حسين النوري صاحب مستدرك الوسائل، ومنهم والده الحجة آية الله السيد محمد صادق الصدر وخاله آية الله الشيخ مرتضى آل ياسين وابن عمه آية الله الحاج اغا حسين خادم الشريعة وآية الله السيد عبد الرزاق المقرم الموسوي (صاحب كتاب مقتل الإمام الحسين عليه السلام) وآية الله السيد حسن الخرسان الموسوي وآية الله السيد عبد الاعلى السبزواري والدكتور حسين علي محفوظ وغيرهم.

الاعتقالات التي تعرض لها
قام نظام صدام باعتقال السيد محمّد محمد صادق الصدر عدة مرات ومنها:

1 - عام 1972 قام النظام باعتقال السيد محمّد محمد صادق الصدر مع الشهيد السيد محمد باقر الصدر والسيد محمد باقر الحكيم رئيس المجلس الاعلى للثورة الإسلامية في العراق.

2 - عام 1974 قام النظام باعتقال السيد محمّد محمد صادق الصدر في مديرية امن النجف وعندما احتج على سوء معاملة السجناء نقل الى مديرية امن الديوانية والتي كانت اشد ايذاء للمؤمنين من بقية مديريات الامن وقد بقي رهن الاعتقال والتعذيب النفسي والجسدي عدة اسابيع.

3 - عام 1998 قام النظام باستدعاء السيد محمد الصدر والتحقيق معه عدة مرات.

4 - عام 1999 قام النظام بالتحقيق مع السيد الصدر مرات عديدة وتهديده قبل اغتياله.
مشروعه التغييري

اربع مفارقات

ملف الصدر الثاني، من اكثر الملّفات الإسلامية في تاريخ العراق المعاصر إثارة ومفارقات، فالشهيد محمد محمد صادق الصدر (رض) لم يكن أحد من الذين عايشوه قبل تصديه للمرجعية، يتوقع ان ينهض بهذا الدور الضخم والمهم والخطير في مرحلة من أكثر مراحل المسار السياسي العراقي حساسيةً وتعقيداً، إذ بدا عليه قبل هذا التصدّي للمرجعية التواضع والزهد والمثابرة والبحث والجد في دراسته والتأثر بالثورة الحسينية.

المفارقة الثانية هي أن «الشائع» عن شخصية الشهيد محمد محمد صادق الصدر أنها شخصية «بسيطة» حتى ان البعض لا يريد ان يصدق حتى بعد استشهاده، انه استطاع ان ينجز هذا التحوّل الكبير في المسار الإسلامي في العراق، وهو تحوّل أثبت الكثير من الذكاء والبراعة والإبداع.

المفارقة الثالثة وتتعلّق بزمن مشروعه التغييري، فهو زمن لا يكاد يستوعب ضخامة هذا المشروع وأبعادِه ومفرداته ومجالاته، بضع سنوات استطاع فيها الشهيد محمد محمد صادق الصدر انجاز ما لا يمكن انجازه ربما في عقود.

المفارقة الرابعة ترتبط بالمكان الذي تحرك فيه هذا المشروع، وهو العراق المحكوم الى أعتى دكتاتورية في العالم والى قيود سياسية هائلة، والى تجارب سياسية، لا يمكن ان تشجع أحداً على ان يُفكّر بالقدرة على «تحييد» السلطة، ومن ثمّ الإنطلاق برحلة تأسيسية متسارعة لعمل اسلامي كان قبل سنوات يستفزّ هذه السلطة في أبسط مظاهره.
الوعد الصادق
الوعد الصادق
مشرف عام

عدد الرسائل : 225
العمر : 56
تاريخ التسجيل : 09/02/2009

https://sami313.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

سيرة حياة المراجع العظام Empty رد: سيرة حياة المراجع العظام

مُساهمة من طرف الوعد الصادق الأحد فبراير 15, 2009 6:31 pm


:خطة متسلسلة

اثار مشروع الشهيد الصدر الثاني (رض) جدلا حاداً في الواقع الإسلامي الداخلي في العراق غير انه جدل إيجابي في محصلته النهائية، ورغم معرفة الشهيد (رض) بما سيثيره مشروعه من جدل أو خلاف إلاّ انه اجتهد ان يفجر قضية الاصلاح للواقع الإسلامي وفق خطة اولية متسلسلة.. وهنا نشير إلى النقاط التالية:

أولا: انه قدّم نموذجاً جديداً لتعاطي الفقيه مع السلطة، وهو نموذج يجد له مصاديق في تاريخ اشكالية العلاقة بين الفقيه الشيعي والسلطة. إلاّ ان الجديد فيه كما اشرنا في «المفارقات» هو سلطة صدام حسين بكل خصوصياتها الدموية، وامكانية «تحييدها» لفترة، وانتزاع بعض الادوات من يدها، والدخول معها في معادلة صراع علنية، معادلة، هي بحاجة إلى قراءة دقيقة للمتغيرات التي مرّت بها السلطة، والمؤثرات الخارجية عليها، ومن ثمّ تثمير هذه المتغيرات والمؤثرات لصالح الشروع باصلاح ذاتي من جهة، وبناء اسلامي جديد من جهة ثانية.

لقد خاض الصدر الثاني هذه المعادلة والتقط كل الفرص الداخلية والخارجية لكي يكون طرفاً قوياً فيها، وهذا ما لم يُفكّر فيه فقيه أو مرجع في العراق. ولذلك فهو تحمّل ما سيقال عنه كثمن لذلك. ولو ان ما يقال سيكون قاسياً ومريراً، فهو ازاء من كان يقول عنه بانه «فقيه السلطة» او «مرجع السلطة» مارس خطاباً لا ينفكُ يوضّح، ويحاول أن يحيّد خصومه.

ثانياً: ولقد انطلق هذا المشروع، اول ما انطلق نحو بناء قاعدة شعبية متفاعلة، وجاء هذا البناء متصاعداً عبر خطوات تحرّك كبرى باتجاه الوسط الإجتماعي والعشائري، تطلّبت الخروج على «المألوف» المرجعي أو على «العُرف» المرجعي، وقيام الشهيد السيد محمد محمد صادق الصدر بجولات وزيارات الى العشائر العراقية، والاطلاع على أوضاعها، وبناء علاقات معها ومن ثمّ اخيراً وضع فقه خاص بها اندرج في هذا .السياق

كما تطلّب بناء القاعدة الشعبية، تجاوز خطاب «الفقيه» المكتوب الى خطاب الفقيه المسموع، والى تنشيط الإتصالات مع الناس، والى مواكبة همومهم وشؤونهم والعمل بفقه الواقع أو فقه الحياة بكل ما تلد من جديد مع مرور الزمن، اضافة الى التواجد الميداني معهم، وربط مصير «الفقيه» مع مصيرهم. وبالطبع ان هذا الواقع لم يألفه الشعب العراقي من قبل لذا فانه شكّل وضوحاً له بدور الفقيه، ومن ثمّ تعاطفاً معه.

وقد اثبتت تجربة الصدر الثاني ان الشعب العراقي يختزن الإستجابة للعمل الإسلامي إذ بمجرد ان تحرك السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر باتجاهه، فانه استجاب استجابة واضحة، لا تخلو من الشجاعة، وربما ان هنالك من يقول إن استجابة هذا الشعب انطلقت في جزء منها من وعيه بموقف السلطة التي سمحت للشهيد الصدر الثاني بالتحرك، الأمر الذي ازال جزءاً من المخاوف لديه، ومن ثمّ قرر الالتحاق بهذه التجربة، ولذا فإن الناس الذين ألتحقوا بركب الصدر الثاني لم ينتفضوا كلهم بعد اغتياله.

وربما تكون وجهة النظر هذه «صحيحة» بشكل جزئي ومحدود، واذا قيست التجربة بنتائجها وكلياتها وظروفها واحتياطات السلطة وطبيعتها فإن الامر لا يبدو كذلك، فالجمهور الصدري الثاني كان له رد فعل ولو انه لا «يتناسب» مع ما حصل بحكم الظروف الامنية القاسية التي تقيده، إلاّ انه اختزن وعي هذه التجربة، وسيعبر هذا الوعي عن نفسه ان عاجلا او آجلا في صناعة مستقبل العراق.

ثالثاً: وإذا كان تأسيس القاعدة الشعبية، شكّل محوراً أساسياً من محاور المشروع التغييري للشهيد محمد محمد صادق الصدر، فإن المحور الثاني كان محوراً إصلاحياً للوضع الإسلامي الداخلي، أي لوضع الحوزة، وكل ما يتعلق بشؤونها، بدءاً بمواصفات المرجع التي حددها الصدر الثاني وما اسماه التفريق بين المرجعية الناطقة والمرجعية الصامتة ومروراً باجهزتها الوكلائية والتبليغية والمالية وانتهاءً بمناهجها ومستواها .المعرفي، ومواكبتها لحركة العصر وحاجاته ومتطلباته

رابعاً: وكان المحور الآخر الذي شكّل معلماً من معالم مشروع الصدر الثاني التغييري يتمثل بالعلاقة بين الحوزة والأمة، واكتشاف الآليات والاساليب والطرق الكفيلة بايجاد علاقة من نوع آخر بينهما، وكانت صلاة الجمعة أكبر آلية تواصلية بين الفقيه والمجتمع وبين الحوزة والأُمّة، إذ لم يعمل بهذه الآلية من قبل، إلاّ بشكل محدود، ولوعي الشهيد الصدر الثاني باهميتها فانه أعطاها أهمية استثنائية، وأوصى بضرورة أو .وجوب مواصلتها حتى بعد موته

خامساً: استطاع الشهيد محمد محمد صادق الصدر ان ينجز كل ذلك عبر منظومة مفاهيمية مغايرة، وان يؤسس شبكة من المفاهيم الخاصة، مفاهيم دينية اجتماعية، ومفاهيم حول شؤون القيادة ومفاهيم حول الشؤون الثقافية والسياسية الاخرى شكّلت بمجملها نسيجاً معرفياً متجانساً، ميّزه عن سواه من الفقهاء، وحدّد ملامح مشروعه وتجربته، فلقد جاء هذا النسيج المعرفي بشيء من الفرادة والخصوصية والابتكار، فهو تجاوز المشتركات والثوابت من خلال استيعابها، وابرز معالم قراءته الخاصة لتعاليم الإسلام التي تنتمي للاجتهاد البشري، او الفهم البشري للدين والرسالة السماوية، ولذا فهو لم ينتم بعد استشهاده إلى تاريخ «الفقهاء التقليديين» بل انه انتمى إلى تاريخ الفقهاء الثوريين المبدعين المطورين المجدّدين، وأضاف الى .تراكمهم المعرفي تجربة جديدة لها فرادتها في كثير من الأمور والمسائل

إن المنظومة المفاهيمية للشهيد الصدر الثاني لم تكن منظومة عشوائية مبعثرة وانما هناك «قصدية» واضحة في انتقاء اي مفهوم وعلاقته بالآخر، ومن ثمّ الخروج بمسمّيات ومصطلحات للتجربة وبالتالي فانها منظومة مفاهيمية تشكل مشروعاً تغييرياً له محاوره ومعالمه ومرتكزاته الخاصة حتى وان لم يُسمِّ الصدر الثاني هذا المشروع ومحاوره ومرتكزاته ومعالمه.

سادساً: وما بدا على هذا المشروع انه جاء في جزئه العملي والنظري الأكبر، إكمالا أو ترجمة لطموح الشهيد الصدر الأول (محمد باقر) الذي بقي حبيساً في صدره ولم تسمح له الظروف، لا ظروف الصراع مع السلطة، ولا ظروف المؤسسة الدينية الشيعية الداخلية، ولا ظروف الوعي المجتمعي، ان يتصدّى له، اذ على رغم المغايرة الواضحة في امور عديدة فكرية وغير فكرية بين الصدرين الأول والثاني، ورغم احتفاظ تجربة الصدر الثاني ببعض الخصوصيات الميدانية، إلاّ ان التجربة بشكل عام جاءت وكأنها صدى لاماني الصدر الأول في اصلاح الحوزة وفي وجوبية توجهها نحو المجتمع وفي ابراز الوجه السياسي لحركة .الإسلام
وفيما قضى الصدر الأول معظم حياته في بحوث فكرية متطوّرة بغية ارساء جذور وأساس المدرسة الإسلامية بكل أبعادها الفلسفية والاقتصادية والاجتماعية وبدأ بدايات في تطوير المناهج الحوزوية، واعلن خطاباً نظرياً لا يخلو من النقد لواقع هذه الحوزة وتحرك سياسياً تحت ثقل الظروف الخارجية التي ربما تكون ساعدت على دفعه على تسريع الجانب السياسي العملي من مشروعه، جاء دور الصدر الثاني من شقين شكّلا الافراز العلوي الذي غيّب في مشروع الصدر الأول، الشق المتعلّق بدور الفقيه العملي الميداني الاجتماعي الإسلامي المندك في الامة، والمرتبط معها بعد ان اكتشف آليات واساليب تعبئتها، والشق الثاني الذي يواكب حركة التجديد الفقهي بما يتناسب مع المستجدات والتطورات.

وهكذا بدا المشروعان متغايرين في ادوارهما تبعاً لاختلاف الظروف والقدرات الذاتية، وفي نفس الوقت كمّلا بعضهما البعض، في صيرورة تصاعدية تكاملية جميلة، قائمة على تواصل معرفي في حياتهما قبل الاستشهاد، وعلى رابطة دم، شاء الله ان يجعلها هكذا، ولو انها فسّرت من البعض تفسيراً ثأرياً من الصدر .الثاني لدماء الصدر الأول
الوعد الصادق
الوعد الصادق
مشرف عام

عدد الرسائل : 225
العمر : 56
تاريخ التسجيل : 09/02/2009

https://sami313.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

سيرة حياة المراجع العظام Empty رد: سيرة حياة المراجع العظام

مُساهمة من طرف الوعد الصادق الأحد فبراير 15, 2009 6:44 pm

سِِابعاً: ان الدور العملي الميداني الاجتماعي التجديدي للفقيه الصدر الثاني الذي ميّز مشروعه التغييري لم يأتِ كما أشرنا إلاّ وفق خطة تحرك عليها هذا المشروع، خطة لمرتكزات وآليات وأوليات، بدأت بـ «تحييد» السلطة، ومن ثمّ مرتكز ايجاد قاعدة شعبية ومرتكز اصلاحي داخلي للواقع الإسلامي وواقع الحوزة ومرتكز تأسيس منظومة مفاهيمية متجانسة ومتكاملة مثلّث خصوصية التجربة الصدرية الثانية، وكل تلك المرتكزات كانت ممزوجة بواقع سياسي يشكل افرازاً علوياً لهذا المشروع التغييري إلاّ ان صدام حسين قطع الطريق على تجسيد هذا الإفراز العلوي (المشروع السياسي)، مثلما قطع الطريق على تجسيد الإفراز العلوي الذي .مثّله فيما بعد مشروع الصدر الثاني على الصدر الاول

ان «قانون» الموت والقتل والإغتيال الذي عمل به صدام حسين لعرقلة حركة المشروع الإسلامي العام في .العراق، لم يحل رغم بشاعته دون تنامي هذا المشروع، وتراكم صيرورته المتصاعدة

تاسعاً: ان التجربة الصدرية الثانية في العراق مثلت صورة تصاعدية من صور حركة «الإسلام السياسي» في المسيرة الإسلامية العامة في العالم الإسلامي وفي العالم اجمع، وبقدر ما عكست هذه الصورة، وهذا المشروع الصدري الثاني من خصوصية نابعة من الظروف والجغرافيا والإبداع الذاتي الفقهي الثوري، فإنها عكست من خلال الأداء العام لهذا المشروع وأدبياته، تواصلا مع الحركة الإسلامية العالمية بكل صورها .ومظاهرها الأخرى

عاشراً: ان هذا المنهج التوحيدي الذي اقتضاه المشروع التغييري الصدري الثاني، يمكن فهم الخطاب الذي تأسس عليه بتوصيف آخر غير توصيف الخطاب «المتوتر» وهو توصيف الخطاب «النقدي» للواقع القائم، اذ ان أي مشروع لا يمكن أن ينهض ويتأسس ما لم ينقد الوضع القائم، ويطرح بدائله، وان الصدر الثاني مارس نقداً شمولياً وجوهرياً، فهو نقد شمل اكبر عدد من الظواهر الخاطئة بإثارتها ومناقشتها متجاوزاً مقولات «الحساسية»، لا سيما فيما يتعلق بالواقع الإسلامي في العراق، كظواهر «النذور» والى اين ستنتهي، وظاهرة «السدنة»، وظاهرة «تقبيل الايدي» والظواهر المرتبطة باخراج الدين عن مضمونه الحقيقي، فضلا عن الظواهر الاجتماعية السيئة، وحتى قضية ادارة العتبات المقدسة، ونقد هذه الادارة .بوضعها القائم

حادي عشر: حجم المعاناة والصبر والتحمّل والاصرار للشهيد محمد محمد صادق الصدر من أجل إنجاز هذا المشروع التغييري الاصلاحي الجذري، الذي أسسه ورعاه، ورسم ملامحه من خلال خطوط عامة ومحاور ومرتكزات وضّحها هذا البحث بشكل توثيقي، مشروع ختمه باستشهاد «مرجعي» لا ينتمي الى تاريخ الاستشهاد المتعارف، إنما يأتي حصيلة لثقافة حسينية ونبض عرفاني ينتمي الى عرفان «الواقع» وليس .<<الى عرفان «الانعزال والخرافة

وقرار استشهادي واضح واع، أكّدته الروايات المنقولة عنه، وأكّده السلوك الذي مارسه، وأكّده الكفن الذي لفّه واقفاً في صلاة الجمعة، قبل ان يلفّه في قبره الذي وضع فيه، بلا تشييع وبطريقة سرية، تحت جنح الظلام، حاضناً ولديه «مصطفى» عن اليمين و«مؤمل» عن الشمال، كما دفن الشهيد الصدر الأول، مع اخته الصدرية «بنت الهدى»، قرار استشهادي أكده السيد محمد محمد صادق الصدر، بالسلوك والأكفان .والروايات الخاصة والخطاب العلني أمام الامة عندما تحدّث أكثر من مرة عن احتمال قتله
الوعد الصادق
الوعد الصادق
مشرف عام

عدد الرسائل : 225
العمر : 56
تاريخ التسجيل : 09/02/2009

https://sami313.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

سيرة حياة المراجع العظام Empty رد: سيرة حياة المراجع العظام

مُساهمة من طرف الوعد الصادق الأحد فبراير 15, 2009 6:56 pm

وقائع ما قبل الاغتيال

ان الصدر الثاني بالتأكيد تحول إلى رمز يقود ظاهرة اسلامية مليونية، إلاّ ان رموز العراق لا تبرز على صفحات الإعلام العربي إلاّ بعد التصفية والقتل على يد نظام صدام حسين الذي مهد لاغتيال الصدر الثاني عبر تحركات واحتياطات كبيرة، كشفت عنها صحيفة (القبس) الكويتية نقلا عن مصادر عراقية حيث في ضوء تلك التوجيهات «وضعت كافة قوات الحرس الجمهوري في حالة استعداد قصوى تحت غطاء مشروع تدريبي اعطي الاسم الرمزي «الفارس الذهبي» يستخدم فيه العتاد الحقيقي وصممت الفرضيات طبقاً لحصول تهديدات جوية وتدخل قوات محمولة جواً، تستهدف احتلال اهداف حساسة داخل العراق لاثارة الاضطراب.

كما تضمّن المشروع الممارسة على تنفيذ التنقلات الاستراتيجية تحت ظل التهديد الجوي وفي ظروف استيلاء مفارز من القوات الخاصة المعادية للسيطرة على مفارق الطرق المهمة والنقاط الحرجة كالجسور .والمناطق التي تتعذر فيها الحركة خارج الطرق

.كما تم نقل بعض ألوية الحرس الجمهوري من المنطقة الشمالية إلى منطقة الفرات الاوسط

وكان لقرار فصل محافظة المثنى عن قيادة منطقة الفرات الأوسط بقيادة (محمد حمزة الزبيدي) والحاقها بمنطقة العمليات الجنوبية بقيادة (علي حسن المجيد) صلة بالتدبير لعملية الاغتيال وذلك لتخفيف العبء عن .قيادة الفرات الأوسط التي تقود محافظات بابل وواسط والقادسية والنجف وكربلاء والمثنى

وفي ليلة تنفيذ عملية الاغتيال الخميس الجمعة كانت قوات فرقة حمورابي حرس جمهوري في منطقة الصويرة (قرب واسط) وفرقة نبوخذ نصر حرس جمهوري في كربلاء، فضلا عن الألوية التي نقلت من المنطقة الشمالية في حالة انتشار قتالي الامر الذي مهّد للسيطرة المبكرة على الوضع كأحد أساليب الردع .المسبق

وبالاضافة إلى هذا الإستباق الامني الاحتياطي الذي جاء قبل تنفيذ الاغتيال، فإن هنالك انواعاً من التصعيد في المواجهة بين الصدر الثاني والسلطة، كانت كلها تُنذر بوقوع الجريمة، ففي شهر رمضان الذي سبق الاغتيال حاولت السلطة ان تتدخل في مسار صلاة الجمعة في الكثير من المدن العراقية، والتي يقيمها وكلاء :الصدر في هذه المدن فهي

* حاولت ان تبتز هؤلاء الوكلاء من خلال الطلب المتكرر منهم بالدعاء لحاكم بغداد ولم يكن هذا الطلب جديداً، بل ان السلطة ساومت به قبل أكثر من سنة، إلاّ انها لم تصل إلى نتيجة، وقررت ان تستخدم لهذا الطلب ورقة ضغط من أجل تصعيد المواجهة.

* وعندما فشلت في انتزاع الدعاء لصدام حسين بما يسيء إلى هذه الظاهرة ويحاول ان يصورها على انها ظاهرة السلطة، لكن دون جدوى، بعد هذا الفشل راحت تلجأ إلى أسلوبها التهديدي المعروف من اجل ايقاف هذه الصلاة التي اصرّ الشهيد الصدر الثاني على اقامتها واوصى بذلك حتى بعد استشهاده، بعدما اصر على رفض الدعاء لصدام بهذه الصلاة مهما كان الثمن.

* وفي سياق هذا التهديد حاولت السلطة ان تفرض ائمة جمعة تابعين لوزارة الاوقاف التي تديرها، إلاّ ان كل محاولاتها في هذا الاطار فشلت هي الأخرى لان الناس رفضوا الصلاة وراء عملاء السلطة هؤلاء.

* وتطورت المواجهة بعد ذلك إلى صدامات سبقت اغتيال الشهيد الصدر الثاني في عدد من مدن العراق، منها الناصرية، سقط فيها عدد من الشهداء، واعتقلت السلطة عدداً من وكلاء السيد الشهيد الصدر الثاني.
الوعد الصادق
الوعد الصادق
مشرف عام

عدد الرسائل : 225
العمر : 56
تاريخ التسجيل : 09/02/2009

https://sami313.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

سيرة حياة المراجع العظام Empty رد: سيرة حياة المراجع العظام

مُساهمة من طرف الوعد الصادق الأحد فبراير 15, 2009 7:07 pm

* وواصلت السلطة تحرشاتها عندما قامت «بعملية انزال على مسجد الكوفة الذي له اثر تاريخي اجتماعي كبير في نفوس عامّة المسلمين وبذريعة المناورة العسكرية قامت قوات الامن ورجالات السلطة والجيش الشعبي بفتح الابواب الرئيسية بالقوة، وكانت هنالك قوة عسكرية متحصنة داخل المسجد، واعتبرت العملية استفزاراً لمشاعر المصلين والمؤمنين بشكل عام، وتأتي انتهاكاً لحرمة أماكن العبادة، كما اعتاد النظام على ."هذه الممارسات لنشر الإرهاب والخوف

* ولم توقف كل هذه الإجراءات الشهيد محمّد محمد صادق الصدر عن الإستمرار في المواجهة، والمطالبة العلنية من على منبر صلاة الجمعة باطلاق سراح وكلائه المعتقلين من خلال هتافات امر جمهور المصلين .بترديدها

ويذكر ان السيد الشهيد محمد محمّد صادق الصدر عمل على ترسيخ الوعي الإسلامي لدى جمهور المصلين من خلال أسلوب الشعار، وتحويل المطالب والمقولات المهمة إلى شعارات يرددها ويأمر الجمهور بترديدها في سياق خاطبه الذي اتسم بالوضوح، ولعل هذه الظاهرة هي الأولى من نوعها في العراق حيث لم يعتد الشارع العراقي على ان يردد الفقيه الشعار بنفسه مع الجمهور، وبالتأكيد ان الشعار له فلسفته الخاصة في .صناعة الوعي

* وفي ظل رفض الصدر الثاني ووكلائه المتكرّر لطلبات السلطة في الدعاء لحاكم بغداد، وفي سياق تصاعد وتيرة المواجهة، ضاعفت السلطة من طلباتها «واقدم (حمزة الزبيدي) ونيابة عن صدام على مطالبة الإمام الصدر قبل يومين من عملية الإغتيال بفتوى لـ (تحرير الكعبة) واخرى لتأييد دعوة صدام الشعوب العربية للاطاحة بحكّامها، وثالثة تتعلق باغتيال الشهيدين البروجردي والغروي، ورابعة لاعلان الجهاد بما يتوافق ."وسياسات صدام"

* بالإضافة الى رفض الدعاء وطلبات «إصدار الفتاوى» تلك فان الصراع مع السلطة على طول خط ما قبل وقوع جريمة الإغتيال استبطن رفضاً صدرياً لأمور عديدة تحقق رغبة السلطة «إذ لم يكن اغتيال الصدر مفاجئاً، وسبقته سلسلة من الاحداث والمواجهات الساخنة منذ شهر عاشوراء وشهر شعبان وشهر رمضان الماضي، حيث طلبت السلطات منه منع المسيرة السنوية التي يقوم بها عشرات الآلاف من المشاة من مختلف مدن العراق متوجهين إلى كربلاء، لكنه أصدر أمراً إلى الناس بالتوجه إلى المدينة، وذلك خرقاً للمنع الذي كان النظام العراقي أصدره بالشكل الذي لا يضر بالدولة ولا يمت إلى سياستها وكيانها بأية .صلة»

* بعد ذلك اتصل صدام حسين بالصدر تليفونياً وطلب منه منع التحرك فرفض فصدر امر بوضعه في الإقامة الجبرية واعتقل وكلاؤه في المدن العراقية، حتى خرق الصدر امر الإقامة الإجبارية مع ولديه مصطفى .ومؤمل

وواقع الحال ان المواجهة في أشكالها السرية والعلنية بدأت بشكل حاد بين الشهيد الصدر الثاني والسلطة مُنذ الأسابيع الاولى لاقامة صلاة الجمعة وحتى اغتياله. وقد برزت مؤشرات واضحة قبل ان يشرع المرجع الصدر بصلاة الجمعة، «فقرر النظام العمل على تحجيم مرجعية الصدر الشهيد بكل الوسائل فسحب منه حق التأييد لطلبة الحوزة العلمية لغير العراقيين في النجف الأشرف للحصول على الإقامـة، كما حاول الإيحاء للعامة ان الشهيـد محمد محمّد الصـدر هو مرجع السلطة للتقليل من شأنه، لان اعلان مثل هذا الامـر يثير حساسية الناس ونفورهم، ومارس ضغوطاً شتى على وكلائـه وزوّاره، وقام بنشر عيونه وجلاوزته حول منزلـه ومجالس دروسـه، ولما لم تنفع مثل هذه الأساليب حاول التقرب اليـه وتقديم كل ما يطلبه مقابل مدح الطاغيـة أو النظام، أو على الاقل تحاشي كل ما من شأنه ان يفهم من قبل الناس بأنـه حديث ضـد السلطة، ولما فشل في ذلك ايضاً اتخذ قراره قبل اكثر من ثلاثة اشهر باغتياله، حيث اصـدر حزب السلطة تعميماً إلى اعضائه يتضمن اتخاذ اقصى درجات الحيطة والحذر والاستعداد للمرحلة القادمة التي ربما ستشهد حالة اضطرابات ومواجهات حسب ما جاء في التعميم بدعوى ان هنالك معلومات تفيد ان مجموعة من المخربين ستقوم باغتيال المرجع محمد الصدر (رض) وستدّعي ان النظام من فعل هذا الأمر!! .ويومها بدأت استعدادات النظام

:الجريمة

كان من «عادة السيد(رحمه الله) ان يقيم مجلس التعزية في (البرانية) يوم الجمعة، ليلة السبت وينتهي المجلس في الساعـة 5،8 ليلا، وبعدها يخرج سماحته إلى بيته مع ولديه، حيث يوصلانه إلى هناك ويعودان إلى داريهما. وفي الليلة التي استشهد فيها خرج السيد على عادته مع ولديه بلا حماية ولا حاشيـة نظراً لان المسافـة إلى البيت كانت قريبـة، وفيما كانوا يقطعون الطريق إلى بداية منطقة (الحنانة) في احدى ضواحي النجف القريبة وعند الساحة المعـروفة بـ (ساحة ثورة العشرين) جاءت سيارة اميريكة الصنع (اولدزموبيل) ونزل منها مجموعـة من عناصر السلطة وبأيديهم اسلحة رشاشة وفتحوا النار على سيارة السيد، فقتل اولاده على الفور، وبقي سماحته على قيد الحياة لكنه نقل إلى المستشفى مصاباً برأسه ورجليه، وبقي قرابة الساعة بالمستشفى ثمّ قضى نحبه شهيداً. وبعد استشهاده حضر جمع من مسؤولي السلطة إلى المستشفى، وذهب آخرون إلى بيته ولم يسمحوا بتجمهر المعزّين أو الراغبين بتشييع جنازته، ولذا قام ولدا السيد الشهيد بتشييعه ليلا ومعهم ثمانية رجال وبعض النساء، حيث .( تم دفنه في المقبرة الجديدة في وادي (الغري
الوعد الصادق
الوعد الصادق
مشرف عام

عدد الرسائل : 225
العمر : 56
تاريخ التسجيل : 09/02/2009

https://sami313.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

سيرة حياة المراجع العظام Empty رد: سيرة حياة المراجع العظام

مُساهمة من طرف والفجر الأحد فبراير 22, 2009 6:26 pm

الحمد لله والصلاة والسلام على المصطفى الأمين وآله الأطهار المنتجبين وعلى العدول من الأعلام الذابين عن حياض النجاة ..

السلام على أهل البصيرة وذوي البصائر .. تعالوا ننحني

عند أعتاب المرجعيّة الفاضلة .**
ونضيف من على صفحات منتدى القطيف الأغرّ.. صفحة نور وعزّ نقتبس من خلالها مشاعل محدودة الإضاءة على حياة مراجعنا الأعلام .. لننهل من زلالهم القدسيّ مواعظ وعبر وأحكام .. ونقف عند عتبات فضلهم نلتمس لأنفسنا الدفء والأمان بعد أن إستكانت لمطيّة التسويف والتمنّي ملاذا ومركبا .

 ولكلّ من يريد أن يضيف قبســـــــــــا .. فله الأجر من صاحب الأجر غدا .. والله ليضيع أجر من أحسن عمله. .
 وعلى بركة الله أبدأ بحياة الإمام السيد أبا القاسم الموسوي الخوئي – قدّس سرّه الشريف –





بسم الله الرحمن الرحيم
(إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد)صدق الله العلي العظيم
اللهم عرفني حجتك فإنك إن لم تعرفني حجتك ظللت عن ديني.
اللهم إنا نرغب إليك في دولة كريمة تعز بها الإسلام وأهله، وتذل بها النفاق وأهله، وتجعلنا فيها من الدعاة إلى طاعتك، والقادة إلى سبيلك، وترزقنا بها كرامة الدنيا والآخرة،
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


نبذة عن حياة
الامام السيد أبوالقاسم الموسوى الخوئي (قده)
لم تتعرض المرجعية الدينية في تاريخها و حوزتها العلمية منذ تحولها من بغداد الى النجف الأشرف عام 449 للهجرة (1057م)، على يد شيخ الطائفة الامام الطوسي (قده)، الي ظرف قاهر مشابه، كالذي مرت به خلال مرجعية الامام السيد أبو القاسم الموسوي الخوئي، اذ تزامنت مرجعيته مع حكم جائر في العراق جعل من الشيعة و التشيع هدفا لطغيانه و إرهابه، خصوصا بعد الثورة الاسلامية في ايران، التي قلبت كثيرا من الموازين و اعتبرها النظام البعثي في العراق خطرا مباشرا عليه، لذلك جعل من الشيعة و المدن الشيعية هدفا لهذا الطغيان، و في تلك الظروف الصعبة الموجهة ضد الحوزة العلمية، كانت مهمة المرجع الأعلى الامام الخوئي تكاد تتنحصر في المحافظة على دور الحوزة و استقلالها، لمتابعة مهامها العلمية و الفقهية ، و استمرار الدور التاريخي لمدينة النجف الأشرف، التي تضم مرقد زميرالمؤمنين الامام على بن ابي طالب(ع)، في احتضان الحوزة الدينيةو معاهدها العلمية.
في حين ارادت السلطة العراقية انحياز المرجعية الى جانبها في مواقفها اللاانسانية و اللااسلامية، و خصوصا في حروبها الظالمة مع الجيران، و طالبت السلطات الامام بإصدار فتوى ضد الجمهورية الاسلامية الايرانية. وو عندما رفض ذلك رضوان الله تعالى عليه، كشرت السلطات العراقية أنيباها، و كانت أول بادرة اجرامية منها هى الاعتداء على منزل نجله الاكبر المغفور له السيد جمال الدين في محاولة لقتله عام 1979 م، و الذي اضطر من جرائها مغادرة العراق الى سوريا حتى توفي بعدها في ايران عام 1984 م.
كما قامت السلطات باعتقال مجموعات كبيرة من رجال الدين و تلامذة الامام في الحوزة العلمية و اعدمت الكثيرين منهم، و في مقدمتهم تلميذ الامام و ابنه البار الشهيد السيد محمد باقر الصدر، و في عام 1980 م قامت السلطات بتفجير سيارة الامام الخاصة و هو في طريقه الي جامع الخضراء لا داء صلاة الظهر، و قد نجا من تلك الحادثة بأعجوبة بالغة كذلك تم اعدام آية الله السيد محمد تقي الجلالي معاون الامام الخاص ي المام عام 1982 م، و في عام 1985 م اغتيل صهر الامام سماحة آيةالله السيد نصر الله المستنبط، بواسطة زرقه بابرة سامة، كما اعتقل نجل الامام السيد ابراهيم، و صهر الامام السيد محمود الميلاني، و أكثر من مائة من افراد اسرته و معاونيه من العلماء .
ولادته و هجرته الى النجف:
ولد الامام الخوئي في ليلة النصف من شهر رجب سنة 1317 هـ الموافق 19/11/1899 م، في مدينة خوى من اقليم آذربيجان ، و قد التحق بوالده العلامة المغفور له آية الله السيد علي اكبر الموسوي الخوئي الذي كان قد هاجر قبله الي النجف الأشرف، و حيث كانت المعاهد العلمية في النجف الأشرف هي الجامعة الدينية الكبرى التي تغذي العالم الاسلامي كله و ترفده بالآلآف من رواد العلم والفضيلة علىالمذهب الامامي، فقد انضم سماحته و هو ابن الثالثة عشرة الى تلك المعاهد، و بدأ بدراسة علوم العربية و المنطق و الاصول و الفقه و التفسير و الحديث.
منهجه العلمي
يمتاز سماحة الامام الخوئي (قده) بمنهج علمي متميز و اسلوب خاص به في البحث و التدريس، ذلك انه كان يطرح في أبحاثه الفقهية و الاصولية العليا موضوعا، و يجمع كل ما قيل من الأدلة حوله، ثم يناقشها دليلا دليلا، و ما أن يوشك الطالب على الوصول الى قناعة خاصة، حتى يعود الامام فيقيم الادلة القطعية المتقنة على قوة بعض من تلك الادلة و قدرتها على الاستنباط، فيخرج بالنتيجة التي يرتضيها، و قد سلك معه الطالب مسالك بعيدة الغور في الاستدلال و البحث، كما هو شأنه في تأليفاته القيمة، بما يجد المطالع فيها من تسلسل للافكار و بيان جميل مع الدقة في التحقيق و البحث، و لذا فقد عرف بعلم الاصول و المجدّد.
و لا تقتصر أبحاثه و تحقيقاته على هذين الحقلين في الاصول و الفقه، فهو الفارس المجلّي في علم الرجال او (الجرح و التعديل) و قد شيّد صرحا علميا قويما لهذا العلم و مدخليته في استنباط المسائل الاسلامية، جمعها في كتابه الشهير ‘‘ معجم رجال الحديث و تفصيل طبيقات الرواة ‘‘ ، كما بذل جهدا كبيرا في التفسير و علوم القرآن و ضعها في مقدمة تفسيره ‘‘ البيان في تفسير القرآن ‘‘ ، و غيرها من الحقول العلمية.
و لهذا فقد جمع من حوله طيلة فترة تدريسه اعدادا كبيرة من طلبة العلوم الدينية و الاساتذة اللامعين ، ينتمون الى بلدان العالم المختلفة ، فكان هناك طلاب من سوريا و لبنان و الاحساء و القطيف و البحرين و الكويت و ايران و الباكستان و الهند و افغانستان و دول شرق آسيا و افريقيا مضافا الي الطلبة العراقيين، و لم يكتف سماحة الامام بتغذيتهم علميا و ثقافيا، و رعايتهم روحيا، بل امتد ذلك ليشمل تغطية نفقاتهم المعيشية من الحقوق الشرعية التي كانت تصل اليه، و هكذا فقد أسس سماحته مدرسة فكرية خاصة به ذات معالم واضحة في علوم الفقه و التفسير و الفلسفة الاسلامية و البلاغة و أصول الفقه و الحديث.
مشايخه
تتلمذ الامام الخوئي (قده) على كوكبة من أكابر علماء الفقه و الاصول، و مراجع الدين العظام في بحوث الخارج، و من أشهر أساتذته البارزين:
آية الله الشيخ فتح الله المعروف بشيخ الشريعة، المتوفى سنة 1339 هـ .
آيةالله الشيخ مهدي المازندراني ، المتوفى سنفة 1342 هـ .
آيةالله الشيخ ضياء الدين العراقي، 1278-1361 هـ .
آيةالله الشيخ محمد حسين الغروي، 1296-1361هـ.
آيةالله الشيخ محمد حسين النائيني ، 1273 – 1355 هـ ، الذي كان آخر أساتذته.
كما حضر قدس سره ، و لفترات محددة عند كل من:
آية الله السيد حسين البادكوبه أي ، 1293 – 1358 هـ ، في الحكمة و الفلسفة.
آية الله الشيخ محمد جواد البلاغي، 1282 – 1352 هـ ، في علم الكلام و التفسير.
آية الله السيد ميرزا علي آقا القاضي، 1285 – 1366 هـ ، في الاخلاق و السير و السولك و العرفان.
و قد نال درجة الاجتهاد في فترة مبكرة من عمره الشريف، و شغل منبر الدرس لفترة تمتد الى أكثر من سبعين عاما، و لذا لقب بـ ‘‘ أستاذ العلماء و المجتهدين ‘‘.
و له أجازة في الحديث يرويها عن شيخه النائيني عن طريق خاتمة المحديثين النوري، المذكور في آخر كتاب ‘‘ مستدرك الوسائل ‘‘ لكتب الامامية، و أهمها الكافي، و من لا يحضره الفقيه، و التهذيب، و الاستبصار، و وسائل الشيعة، و بحار الانوار، و الوافي، كما و له إجازة بالرواية عن طرق العامة، عن العلامة الشهير السيد عبدالحسين شرف الدين العاملي قدس سره، المتوفي سنة 1377 هـ.
مؤلفاته
لقد ألف سماحته عشرات الكتب في شتى الحقول العلمية المختلفة نذكر المطبوع منها:
1- أجود التقريرات، في أصول الفقه.
2- البيان ، في علم التفسير.
3- نفحات الاعجاز، في علوم القرآن.
4- معجم رجال الحديث و تفصيل طبقات الرواة، في علم الرجال، في 24 مجلدا.
5- منهاج الصالحين ، في بيان أحكام الفقه، في مجلدين و قد طبع 28 مرة.
6- مناسك الحج ، في الفقه.
7- رسالة في اللباس المشكوك ، في الفقه.
8- توضيح المسائل، في بيان أحكام الفقه، الرسالة العملية لمقلديه، طبع أكثر من ثلاثين مرة و بعدة لغات.
9- المسائل المنتخبة، في بيان أحكام الفقه، الرسالة العملية لمقلديه باللغة العربية، طبع أكثر من عشرين مرة.
10- تكملة منهاج الصالحين، في بيان أحكام الفقه ، في القضاء و الشهادات و الحدود و الديات و القصاص.
11- مباني تكملة المنهاج، في أسانيد الأحكام الفقهية، في القضاء و الشهادات و الحدود و الديات و القصاص.
12- تعليقة العروة الوثقى، لبيان آرائه الفقهية على كتاب ‘‘ العروة الوثقى ‘‘ لفقيه الطائفة المغفور له آية الله العظمي السيد محمد كاظم اليزدي قدس سره، كما و لا يزال البعض الآخر من مؤلفاته مخطوطا.
والفجر
والفجر

عدد الرسائل : 133
العمر : 57
تاريخ التسجيل : 21/02/2009

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

سيرة حياة المراجع العظام Empty رد: سيرة حياة المراجع العظام

مُساهمة من طرف والفجر الأحد فبراير 22, 2009 6:37 pm

تلامذت السيد الخوئي
لقد تتلمذ بين يدي سماحته عدد كبير من أفاضل العلماء المنتشرين في المراكز و الحوزات العلمية المدينيية الشيعية في أنحاء العالم، و الذين يعدون من أبرز المجتهدين من بعده، و منهم:
1 - آية الله السيد علي البهشتي – العراق.
2 - آية الله السيد علي السيستاني – العراق.
3 - آية الله الشيخ محمد اسحاق الفياض – العراق.
4 - آية الله الشيخ ميرزا علي الفلسفي – ايران .
5 - آية الله الشيخ ميرزا جواد التبريزي – ايران.
6 - آية الله السيد محمدرضا الخلخالي – العراق.
7 - آية الله الشيخ محمد آصف المحسني – افغانستان.
8 - آية الله السيد علي السيد حسين مكي – سوريا.
9 - آية الله السيد تقي السيد حسين القمي – ايران.
10- آية الله الشيخ حسين وحيد الخراساني – ايران.
11- آية الله السيدعلاء الدين بحرالعلوم – العراق.
12- آية الله المرحوم الشيخ ميرزا علي الغروي – العراق.
13- آية الله المرحوم السيد محمد الروحاني – ايران.
14- آية الله المرحوم الشيخ ميرزا يوسف الايرواني – ايران.
15- آية الله المرحوم السيد محي الدين الغريفي – البحرين.
16- آية الله الشهيد السيد عبدالصاحب الحكيم – العراق.
17- آية الله الشهيد السيد محمد باقر الصدر – العراق.
18- و غيرهم كثير من السادة العلماء و المشايخ كبار و أفاضل الأستاتذة ، ممن تتلمذ على الامام مباشرة أو على تلامذته في جميع الحوزات العلمية الدينية المعروفة.
تقريرات بحوثه
و قد ترك آية الله العظمى الامام الخوئي (قده) أبحاثا قيمة كثيرة في حقلي الفقه و الاصول، و هي الدروس التي كان يلقيها سماحته خلال مدة تزيد على نصف قرن على عدد كبير من أفاضل العلماء و أساتذة الحوزة العلمية الدينية في النجف الأشرف، من المجتهدين ذوي الاختصاص في الدراسات الدينية العليا، المعروفة بـ ‘‘ البحث الخارج ‘‘ (فقد ابتدأ رضوان الله تعالى عليه، بتدريس بحث الخارج سنة 1352 الى 1410 هـ، من دوز انقطاع) و قد قررت و دوّنت نظرياته الجديدة ، و آرائه العلمية القيمة تلك، في تقريرات كثير من السادة و المشايخ العلماء من تلامذته الافاضل، و التي تعتبر اليوم من أمهات المصادر الفقهية و الاصولية الحديثة للباحثين و العلماء، مما لا يستغني منها الاساتذة و الطلاب معا، و عليها يدور رحى البحوث و الدروس في هذين الحقلين في جميع الحوزات الدينية المعروفة.
و من تلك البحوث التي عرضت على ساحته و أجاز طبعها هي:
1- التنقيح في شرح العروة الوثقى، تقرير الشيخ ميرزا علي الغروي، عشرة أجزاء (فقه).
2- تحرير العروة الوثقى ، تقرير الشيخ قربانعلي الكابلي (قده)، جزء واحد (فقه).
3- دروس في فقه الشيعة ، تقرير السيد محمد مهدي الخلخالي، أربعة أجزاء(فقه).
4- محاضرات في اصول الفقه، تقرير الشيخ محمد اسحاق الفياض، خمسة أجزاء(اصول).
5- المستند في شرح العروة الوثقى، تقرير الشيخ مرتضى البروجردي (قده) عشرة أجزاء (فقه).
6- الدرر الغوالي في فروع العلم الاجمالي، تقرير الشيخ رضا اللطفي، جزء واحد (اصول).
7- مباني الاستنباط ، تقرير السيد ابوالقاسم الكوكبي ، أربعة أجزاء (اصول).
8- مصباح الفقاهة، تقرير الشيخ محمد على التوحيدي (قده)، ثلاثة أجزاء (فقه).
9- مصابيح الاصول، تقرير السيد علاء الدين بحرالعلوم، جزء واحد (اصول).
10- المعتمد في شرح المناسك، تقرير السيد محمد رضا الخلخالي، خمسة أجزاء (فقه).
11- مصباح الاصول، تقرير السيد محمد سرور البهسودي (قده)، جزءان (اصول).
12- مباني العروة الوثقى ، تقرير الشهيد السيد محمدتقي الخوئي (قده)، أربعة أجزاء (فقه).
13- دراسات في الاصول العملية، تقرير السيد علي الحسيني الشاهرودي (قده)، جزء واحد(اصول).
14- فقه العترة في زكاة الفطرة، تقرير الشهيد السيد محمد تقي الجلالي (قده)، جزء واحد (فقه).
15- الرأي السديد في الاجتهاد والتقليد، تقرير الشيخ غلام رضا عرفانيان (قده)، جزء واحد(فقه).
16- محاضرات في الفقه الجعفري ، السيد علي الحسيني الشاهرودي(قده)، ثلاثة أجزاء (فقه).
17- جواهر الاصول، تقرير الشيخ فخر الدين الزنجاني، جزء واحد (اصول).
18- الأمر بين الأمرين، في مسألة الجبر و الاختيار، تقرير الشيخ محمد تقي الجعفري، جزء واحد (اصول).
19- الرضاع، تقرير السيد محمد مهدي الخلخالي و الشيخ محمد تقي الايرواني، جزء واحد (فقه).
هذا قليل من كثير .. وإعطاء القليل خير من عدمه ..
والسلام في البدء والختام من خادم المرجعية
والفجر
والفجر

عدد الرسائل : 133
العمر : 57
تاريخ التسجيل : 21/02/2009

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

سيرة حياة المراجع العظام Empty رد: سيرة حياة المراجع العظام

مُساهمة من طرف والفجر الأحد فبراير 22, 2009 11:31 pm

[center][size=16][size=24]
[size=16]بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم

سيرة حياة أية الله العظمى السيد علي السيستاني, شخص نذر حياته خدمة للاسلام والمسلمين


سيرة حياة المراجع العظام 1143255941






ولادته ونشأته
لقد أثمر منبر الاِمام الخوئي الراحل قدس سره خلال أكثر من نصف قرن ثماراً عظيمة جليلة هي الاَزكى والاَفضل عطاءاً على صعيد الفكر الاِسلامي وفي مختلف العلوم والقضايا والمواقف الاِسلامية المهمة ، حيث تخرّج من بين يديه مئات الفقهاء والمجتهدين والفضلاء العظام الذين أخذوا على عاتقهم مواصلة مسيرته الفكرية ودربه الحافل بالبذل والعطاء والتضحية لخدمة الاِسلام والعلم والمجتمع ، معظمهم اليوم أساتذة الحوزات العلمية وبالخصوص في النجف الاَشرف وقم المقدسة ومنهم في مستوى الكفاءة والجدارة العلمية والاِجتماعية التي تؤهلهم للقيام بمسؤولية التربية والتعليم ومسؤولية المرجعية والقيادة ورعاية الاَمة في يومنا الحاضر.‏ ومن أهم وأبرز أولئك العباقرة هو سيدنا الاَستاذ آية الله العظمى السيّد علي الحسيني السيستاني (دام ظله) فهو من أبرز تلامذة الاِمام الخوئي الراحل قدس سره نبوغاً وعلماً وفضلاً وأهليةً.‏
ولد سماحته في ربيع الاَول من عام 1349‏ للهجرة في المشهد الرضوي الشريف في أسرة علمية دينية ملتزمة ، وقد درس العلوم الاِبتدائية والمقدمات والسطوح وأعقبه بدراسة العلوم العقلية والمعارف الاِلهية لدى جملة من أعلامها ومدرسيها حتى أتقنها. وحضر دروس بحث الخارج في مشهد المقدسة واستفاد من فكر العلاّمة المحقق الميرزا مهدي الاصفهاني قدس سره. ثم انتقل إلى الحوزة العلمية الدينية في قم المقدسة على عهد المرجع الكبير السيّد حسين البروجردي قدس سره في عام 1368‏هـ وحضر بحوث علماء‏ وفضلاء الحوزة آنذاك ، منهم السيّد البروجردي قدس سره في الفقه والاَصول وقد أخذ الكثير من خبرته الفقهية ونظرياته في علم الرجال والحديث كما حضر درس الفقيه العالم الفاضل السيّد الحجة الكوهكمري قدس سره وبقية الاَفاضل في حينه.‏
ثم غادر قم متجهاً إلى موئل العلم والفضل للحوزات العلمية في النجف الاَشرف عام 1371‏هـ وحضر دروس أساطين الفكر والعلم آنذاك من‏ أمثال الاِمام الحكيم والشيخ حسين الحلي والاِمام الخوئي رضوان الله تعالى عليهم أجمعين.‏ وقد لازم بحوث الاِمام الخوئي قدس سره فقهاً وأصولاً أكثر من عشر سنوات ، كما لازم بحث الشيخ الحلي قدس سره دورة أصولية كاملة.‏
اشتغل سيدنا الاَستاذ بالبحث والتدريس بإلقاء محاضراته ( البحث الخارج ) 1381‏هـ في الفقه على ضوء مكاسب الشيخ الاَعظم الاَنصاري قدس سره وأعقبه بشرح كتاب العروة الوثقى للسيد الفقيه الطباطبائي قدس سره فتم له من ذلك شرح كتاب الطهارة وأكثر فروع كتاب الصلاة وبعض كتاب الخمس.‏ كما ابتدأ بإلقاء محاضراته ( البحث الخارج ) في الاَصول في شعبان 1384‏هـ‏ وقد أكمل دورته الثالثة منها في شعبان 1411‏هـ ، وقد سجل محاضراته‏ الفقهية والاَصولية في تقريرات غير واحد من تلامذته.‏


نبوغه العلمي

لقد برز السيّد السيستاني ( دام ظله ) في بحوث أساتذته بتفوق بالغ على أقرانه وذلك في قوة الاِشكال وسرعة البديهية وكثرة التحقبق والتتبع في الفقه والرجال ومواصلة النشاط العلمي وإلمامه بكثير من النظريات في مختلف الحقول العلمية الحوزوية.‏ وكانت بينه وبين الشهيد السيّد محمّد باقر الصدر قدس سره منافسة شديدة في مجال التفوق والنبوغ العلمي ومما يشهد على ذلك شهادة خطية من الاِمام الخوئي رضوان الله تعالى عليه وشهادة أخرى من العلاّمة الشيخ حسين الحلي قدس سره وقد شهدا ببلوغه درجة الاِجتهاد في شهادتين مؤرختين في عام 1380‏هـ مغمورتين بالثناء الكبير‏ على فضله وعلمه ، على أنّ المعروف عن الاِمام الخوئي قدس سره عدم شهادته لاَحد من تلامذته بالاِجتهاد شهادة خطية إلاّ لسيدنا الاَستاذ وآية الله الشيخ علي فلسفي من مشاهير علماء مشهد المقدسة.‏ كما كتب له شيخ محدّثي عصره العلاّمة الشيخ آغا بزرك الطهراني قدس سره شهادة مؤرخة في عام 1380‏هـ أيضاً ، يطري فيها على مهارته في علمّي الرجال والحديث.‏ أي أن سيدنا الاَستاذ قد حاز على هذه المرتبة العظيمة بشهادة العظماء وهو في الحادية والثلاثين من عمره.‏
منذ 34‏ سنة بدأ يدرّس البحث الخارج فقهاً وأصولاً ورجالاً ويقدّم‏ نتاجه وعطاءه الوافر ، وقد باحث المكاسب والطهارة والصلاة والقضاء والخمس وبعض القواعد الفقهية كالربا وقاعدة التقية وقاعدة الاِلزام.‏ ودرّس الاَصول ثلاث دورات وبعض هذه البحوث جاهز للطبع كبحوثه في الاَصول العلمية والتعادل والتراجيح مع بعض المباحث الفقهية وبعض أبواب الصلاة وقاعدة التقية والاِلزام.‏ وقد أخرج بحثه عدة من الفضلاء البارزين وبعضهم على مستوى تدريس البحث الخارج ، كالعلامة الشيخ مهدي مرواريد والعلاّمة السيّد حبيب حسينان والعلاّمة السيّد مرتضى الاصفهاني والعلاّمة السيّد أحمد المددي والعلاّمة الشيخ باقر الايرواني وغيرهم ممن هم من أفاضل أساتذة الحوزات العلمية.‏ وضمن انشغال سماحته في الدرس والبحث خلال هذه المدة كان دام ظله مهتماً بتأليف كتب مهمة وجملة من الرسائل لرفد المكتبة العلمية الدينية بمجموعة مؤلفات قيمة ، مضافاً إلى ما كتبه من تقريرات بحوث أساتذته فقهاً وأصولاً.‏ وفيما يلي قائمة بأسماء بعض مؤلفاته :‏
‏1 ـ شرح العروة الوثقى.‏
‏2 ـ البحوث الاَصولية.‏
‏3 ـ كتاب القضاء.‏‏‏
‏4 ـ كتاب البيع والخيارات .‏
‏5 ـ رسالة في اللباس المشكوك فيه .‏
‏6 ـ رسالة في قاعدة اليد .‏
‏7 ـ رسالة في صلاة المسافر .‏
‏8 ـ رسالة في قاعدة التجاوز والفراغ .‏
‏9 ـ رسالة في القبلة .‏
‏10‏ ـ رسالة في التقية .‏
‏11 ـ رسالة في قاعدة الاِلزام .‏
‏‏12 ـ رسالة في الاِجتهاد والتقليد .‏
‏13 ـ رسالة في قاعدة لا ضرر ولا ضرار .‏
‏14 ـ رسالة في الربا .‏
‏15 ـ رسالة في حجية مراسيل ابن أبي عمير .‏
‏16 ـ نقد رسالة تصحيح الاَسانيد للاَردبيلي .‏
‏17 ـ شرح مشيخة التهذيبين .‏
‏18 ـ رسالة في مسالك القدماء في حجية الاَخبار .‏
بالاِضافة إلى مؤلفات مخطوطة أخرى ورسائل عملية في الاَحكام للمقلدين .‏


[/size]
[/size]
[/size][/center]
والفجر
والفجر

عدد الرسائل : 133
العمر : 57
تاريخ التسجيل : 21/02/2009

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

سيرة حياة المراجع العظام Empty رد: سيرة حياة المراجع العظام

مُساهمة من طرف والفجر الأحد فبراير 22, 2009 11:42 pm


منهجه في البحث والتدريس

وهو منهج متميز على مناهج كثير من أساتذة الحوزة وأرباب البحث الخارج ، فعلى صعيد الاَصول يتجلى منهجه بعدة خصائص :‏
• التحدث عن تاريخ البحث ومعرفة جذوره التي ربما تكون فلسفية كمسألة بساطة المشتق وتركيبه ، أو عقائدية وسياسية كبحث التعادل والتراجيح الذي أوضح فيه أن قضية اختلاف الاَحاديث فرضتها الصراعات الفكرية العقائدية آنذاك والظروف السياسية التي أحاطت بالائمّة عليهم السلام ومن الواضح أن الاِطلاع على تاريخ البحث يكشف عن زوايا المسألة ويوصلنا إلى واقع الآراء المطروحة فيها .‏
• الربط بين الفكر الحوزوي والثقافات المعاصرة ففي بحثه حول المعنى الحرفي في بيان الفارق بينه وبين المعنى الاَسمى وهل هو فارق ذاتي أم لحاظي ؟ اختار اتجاه صاحب الكفاية في أن الفرق باللحاظ لكن بناه على النظرية الفلسفية الحديثة وهي نظرية التكثر الاِدراكي في فعالية الذهن البشري وخلاقيته ، فيمكن للذهن تصوّر مطلب واحد بصورتين تارة بصورة الاِستقلال والوضوح فيعبّر عنه بالاِسم وتارة بالآلية والاِنكماش ويعبّر عنه بالحرف ، وعندما دخل في بحث المشتق في النزاع الدائر بين العلماء حول اسم الزمان ، تحدّث عن الزمان بنظرة فلسفية جديدة في الغرب وهي انتزاع الزمان من المكان "زمكان" بلحاظ تعاقب النور والظلام ، وفي بحثه حول مدلول صيغة الاَمر ومادته وبحثه في التجري فقد طرح نظرية بعض علماء الاِجتماع من أن تقسيم الطلب لاَمر والتماس وسؤال نتيجة تدخّل صفة الطالب في حقيقة طلبه من كونه عالياً أو مساوياً أو سافلاً .‏ وكذلك جعل ضابط استحقاق العقوبة عنوان تمرد العبد وطغيانه على المولى وأن ذلك مبني على التقسيم الطبقي للمجتمعات البشرية القديمة من وجود موالي وعبيد وعالٍ وسافل وما أشبه ذلك ، فهذه النظرية من رواسب الثقافات السالفة التي تتحدث باللغة الطبقية لا باللغة القانونية المبنية على المصالح الاِنسانية العامة .‏
• الاِهتمام بالاَصول المرتبطة بالفقه وأن الطالب الحوزوي يلاحظ في كثير من العلماء إغراقهم وإسهابهم في بحوث أصولية لا يُعد الاِسهاب فيها إلاّ ترفاً فكرياً لا ينتج ثمرة عملية للفقيه في مسيرته الفقهية كبحثهم في الوضع وكونه أمراً اعتبارياً أو تكوينياً وأنه تعهد أو تخصيص ، وبحثهم في بيان موضوع العلم وبعض العوارض الذاتية في تعريف الفلاسفة لموضوع العلم وما شاكل ذلك .‏ ولكن الملاحظ في دروس سيدنا الاَستاذ هو الاِغراق وبذل الجهد الشاق في الخروج بمبنى علمي رصين في البحوث الاَصولية المرتبطة بعملية الاِستنباط كمباحث الاَصول العملية والتعادل والتراجيح والعام والخاص ، وأما البحوث الاَخرى التي أشرنا لبعض مسمياتها ، فبحثه فيها بمقدار الثمرة العلمية في بحوث أخرى أو الثمرة العملية في الفقه .‏
• الاِبداع والتجديد :‏ هناك كثير من الاَساتذة الماهرين في الحوزة مَن لا يملك روح التجديد بل يصب اهتمامه على التعليق فقط والتركيز على جماليات البحث لا على جوهره فيطرح الآراء الموجودة ويعلّق على بعضها ويختار الاَقوى في نظره ويشغل نفسه بتحليل عبارات من قبيل:‏ فتأمّل أو فافهم ، ويجري في البحث على أن في الاِشكال إشكالين وفي الاِشكالين تأمّلاً وفي التأمّل توقّف .‏
• نكاح أهل الشرك جائز ـ وكذلك بالنسبة لقاعدة التزاحم التي يطرحها الفقهاء والاَصوليون كقاعدة عقلية أو عقلائية صرفة فيدخلها السيّد الاَستاذ تحت قاعدة الاِضطرار التي هي قاعدة شرعية أشارت لها النصوص نحو " ما من شيء حرّمه الله إلاّ وقد أحلّه لمن اضطر إليه" فإن مؤدّى قاعدة الاِضطرار هو مؤدّى قاعدة التزاحم بضميمة فهم الجعل التطبيقي .‏ وأحياناً قد يقوم بتوسعة القاعدة كما في قاعدة "لا تعاد" حيث خصّها الفقهاء بالصلاة لورود النص في ذلك بينما السيّد السيستاني جعل صدر الرواية المتضمن لقوله "لا تعاد الصلاة إلاّ من خمسة" مصداقاً لكبرى أخرى تعم الصلاة وغيرها من الواجبات ، وهذه الكبرى موجودة في ذيل النص" ولا تنقض السنة الفريضة" فالمناط هو تقديم الفريضة على السنة في الصلاة وغيرها من مصاديق هذا التقديم هو تقديم الوقت والقبلة .‏ .‏ .‏ الخ على غيرها من أجزاء الصلاة وشرائطها لاَن الوقت والقبلة من الفرائض لا من السُنن.‏
• النظرة الاِجتماعية للنص :‏ أن من الفقهاء من هو حرفي الفهم بمعنى أنه جامد على حدود حروف النص من دون محاولة التصرف في سعة دلالات النص وهناك من الفقهاء مَن يقرأ أجواء النص والظروف المحيطة به ليتعرف مع سائر الملابسات التي تؤثر على دلالته ، فمثلاً ما ورد من أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرّم أكل لحم الحُمر الاَهلية يوم خيبر ، فلو أخذنا بالفهم الحرفي لقلنا بالحُرمة أو الكراهة لاَكل لحم الحُمر الاَهلية ولو اتبعنا الفهم الاِجتماعي لرأينا أن النص ناظر لظرف حرج وهو ظرف الحرب مع اليهود في خيبر والحرب تحتاج لنقل السلاح والمؤنة ولم تكن هناك وسائل نقل إلاّ الدواب ومنها الحمير ، فالنهي في الواقع نهي إداري لمصلحة موضوعية اقتضتها الظروف آنذاك ولا يستفاد منه تشريع الحُرمة ولا الكراهة .‏ وسيدنا الاَستاذ هو من النمط الثاني من العلماء في التعامل مع النص .‏
• توفير الخبرة بمواد الاَستنباط :‏ أن السيّد السيستاني يركز دائماً على أن الفقيه لايكون فقيهاً بالمعنى الاَتم حتى يتوفر لدية خبرة وافية بكلام العرب وخطبهم وأشعارهم ومَجازاتهم كي يكون قادراً على تشخيص ظهور النص تشخيصاً موضوعياً لا ذاتياً وأن يكون على اطلاع تام بكتب اللغة وأحوال مؤلفيها ومناهج الكتابة فيها فإن ذلك دخيل في الاِعتماد على قول اللغوي أو عدم الاِعتماد عليه وأن يكون على إحاطة بأحاديث أهل البيت عليهم السلام ورواتها بالتفصيل ، فإن علم الرجال فن ضروري للمجتهد لتحصيل الوثوق الموضوعي التام بصلاحية المدرك .‏ وله آراء خاصة يخالف بها المشهور مثلاً ما اشتهر من عدم الاِعتماد بقدح ابن الفضائري إما لكثرة قدحه أو لعدم ثبوت نسبة الكتاب إليه .‏ فإن سيدنا الاَستاذ لا يرتضي ذلك بل يرى ثبوت الكتاب وأن ابن الفضائري هوالمعتمد في مقام الجرح والتعديل أكثر من النجاشي والشيخ وأمثالهما ، ويرى الاِعتماد على منهج الطبقات في تعيين الراوي وتوثيقه ومعرفة كون الحديث مسنداً أو مرسلاً على ما قرره السيّد البروجردي قدس سره .‏ ويرى أيضاً ضرورة الاِلمام بكتب الحديث واختلاف النسخ ومعرفة حال المؤلف من حيث الضبط والتثبت ومنهج التأليف وما يشاع في هذا المجال من كون الصدوق أضبط من الشيخ فلا يرتضيه ، بل يرى الشيخ ناقلاً أميناً لما وجده من الكتب الحاضرة عنده بقرائن يستند اليها .‏ فهذه الجهات الخبرية قد لا يعتمد عليها كثير من الفقهاء في مقام الاِستنباط بل يكتفي بعضهم بالظهور الشخصي من دون أن يجمع القرائن المختلفة لتحقيق الظهور الموضوعي بل قد يعتمد على كلام بعض اللغويين بدون التحقيق في المؤلف ومنهج التأليف ولا يكون لبعض آخر أي رصيد في علم الرجال والخبرة بكتب الحديث .‏ إلاّ أن سيدنا الاَستاذ والسيّد الشهيد الصدر يختلفان في هذا المنهج فيحاول كل منهما محاولة الاِبداع والتجديد إما في صياغة المطلب بصياغة جديدة تتناسب مع الحاجة للبحث كما صنع السيّد السيستاني عندما دخل بحث استعمال اللفظ في عدة معانٍ ، حيث بحثه الاَصوليون من زاوية الاِمكان والاِستحالة كبحث عقلي فلسفي لا ثمرة عملية تترتب عليه وبحثه سيدنا الاَستاذ من حيث الوقوع وعدمه لاَنه أقوى دليل على الاِمكان ، وبحثه كذلك من حيث الاِستظهار وعدمه .‏ وعندما دخل بحث التعادل والتراجيح رأى أن سر البحث يكمن في علة اختلاف الاَحاديث ، فإذا بحثنا وحددنا أسباب اختلاف النصوص الشرعية انحلّت المشكلة العويصة التي تعترض الفقيه والباحث والمستفيد من نصوص أهل البيت عليهم السلام وذلك يغنينا عن روايات الترجيح والتغيير كما حملها صاحب الكفاية على الاِستحباب ، وهذا البحث تناوله غيره كالسيد الصدر قدس سره ولكنه تناوله بشكل عقلي صرف ، أما السيّد الاَستاذ فإنه حشد فيه الشواهد التاريخية والحديثية وخرج منه بقواعد مهمة لحلّ الاِختلاف وقام بتطبيقها في دروسه الفقهية أيضاً .‏
• المقارنة بين المدارس المختلفة :‏ ان المعروف عن كثير من الاَساتذة حصر البحث في مدرسة معينة أو اتجاه خاص ولكن السيّد السيستاني يقارن بحثه بين فكر مدرسة مشهد وفكر مدرسة قم وفكر مدرسة النجف ، فهو يطرح آراء الميرزا مهدي الاصفهاني قدس سره من علماء مشهد وآراء السيّد البروجردي قدس سره كتعبير عن فكر مدرسة قم وآراء المحققين الثلاثة والسيّد الخوئي قدس سره والشيخ حسين الحلي قدس سره كمثال لمدرسة النجف ، وتعدد الاِتجاهات هذه يوسع أمامنا زوايا البحث والرؤية الواضحة لواقع المطلب العلمي .‏ وأما منهجه الفقهي فله فيه منهج خاص يتميز في تدريس الفقه وطرحه ، ولهذا المنهج عدة ملامح :‏
أ ـ المقارنة بين فقه الشيعة وفقه غيرهم من المذاهب الاِسلامية الاَخرى ، فإن الاِطلاع على الفكر الفقهي السنّي المعاصر لزمان النص كالاِطلاع على موطأ مالك وخراج أبي يوسف وأمثالهم يوضّح أمامنا مقاصد الاَئمّة عليهم السلام ونظرهم حين طرح النصوص .‏
ب ـ الاِستفادة من علم القانون الحديث في بعض المواضع الفقهية كمراجعته للقانون العراقي والمصري والفرنسي عند بحثه في كتاب البيع والخيارات ، والاِحاطة بالفكر القانوني المعاصر تزوّد الاِنسان خبرة قانونية يستعين بها على تحليل القواعد الفقهية وتوسعة مداركها وموارد تطبيقها .‏
ج ـ التجديد في الاَطروحة :‏ أن معظم علمائنا الاَعلام يتلقون بعض القواعد الفقهية بنفس الصياغة التي طرحها السابقون ولا يزيدون في البحث فيها إلاّ عن صلاحية المدرك لها أو عدمه ووجود مدرك آخر وعدمه ، أما السيّد السيستاني فإنه يحاول الاِهتمام في بعض القواعد الفقهية بتغير الصياغة مثلاً بالنسبة لقاعدة الاِلزام التي يفهمها بعض الفقهاء من الزاوية المصلحية بمعنى أن للمسلم المؤمن الاِستفادة في تحقيق بعض رغباته الشخصية من بعض القوانين للمذاهب الاَخرى وإن كان مذهبه لا يقرها ، بينما يطرحه السيّد السيستاني على أساس الاِحترام ويسميها بقاعدة الاِحترام أي احترام آراء الآخرين وقوانينهم ، وانطلاقه من حرية الرأي وهي على سياق ـ لكل قوم نكاح ـ .‏

والفجر
والفجر

عدد الرسائل : 133
العمر : 57
تاريخ التسجيل : 21/02/2009

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

سيرة حياة المراجع العظام Empty رد: سيرة حياة المراجع العظام

مُساهمة من طرف والفجر الأحد فبراير 22, 2009 11:45 pm




معالم شخصيته

إن مَن يعاشر السيّد السيستاني ( دام ظله ) ويتصل به يرى فيه شخصية فذة تتمتع بالخصائص الروحية والمثالية التي حث عليها أهل البيت عليهم السلام والتي تجعل منه ومن أمثاله من العلماء المخلصين مظهراً جلياً لكلمة "عالم رباني" وقوله عليه السلام :‏ "مجاري الامور بيد العلماء أمناء الله مع حلاله وحرامه" .‏ من أجل وضع النقاط على الحروف أطرح بعض المعالم الفاضلة التي رأيتها بنفسي عند اتصالي به درساً ومعاشرة :‏
• الاِنصاف واحترام الرأي :‏ فإن السيّد السيستاني انطلاقاً من عشق العلم والمعرفة ورغبة في الوصول للحقيقة وتقديساً لحرية الرأي والكلمة البنّاءة تجده كثير القراءة والتتبع للكتب والبحوث ومعرفة الآراء حتى آراء زملاءه وأقرانه أو آراء بعض المغمورين في خضم الحوزة العلمية ، فتراه بعض الاَحيان قد يشير في بحثه لرأي لطيف لاَحد الاَفاضل مع أنه ليس من أساتذته أو الشيخ محمّد رضا المظفر في كتابه أصول الفقه ، فطرح هذه الآراء ومناقشتها مع أنها لم تصدر من أساطين أساتذته يمثل لنا صورة حية من صور الاِنصاف واحترام آراء الآخرين .‏
• الاَدب في الحوار :‏ إن بحوث النجف معروفة بالحوار الساخن بين الزملاء أو الاَستاذ وتلميذه وذلك مما يصقل ثقافة الطالب وقوته العلمية ، وأحياناً قد يكون الحوار جدلاً فارغاً لا يوصل لهدف علمي بل مضمونه إبراز العضلات في الجدل وقوة المعارضة وذلك مما يستهلك وقت الطالب الطموح ويبعده عن الجو الروحي للعلم والمذاكرة ويتركه يحوم في حلقة عقيمة دون الوصول للهدف .‏ أما بحث السيّد السيستاني ( دام ظله )‏ فإنه بعيد كل البعد عن الجدل وأساليب الاِسكات والتوهين فهو في النقاش مع أساتذته وآراء الآخرين يستخدم الكلمات المؤدبة التي تحفظ مقام العلماء وعظمتهم حتى ولو كان الرأي المطروح واضح الضعف والاِندفاع ، وفي إجابته لاستفهامات الطالب يتحدث بانفتاح وبروح الاِرشاد والتوجيه ، ولو صرف التلميذ الحوار الهادف إلى الجدل الفارغ عن المحتوى فإن السيّد السيستاني يحاول تكرار الجواب بصورة علمية ، ومع إصرار الطالب فإن السيّد الاَستاذ حينئذ يفضل السكوت على الكلام .‏
• خلق التربية :‏ التدريس ليس وظيفة رسمية أو روتينية يمارسها الاَستاذ في مقابل مقدار من المال ، فإن هذه النظرة تبعد المدرس عن تقويم التلميذ والعناية بتربيته والصعود بمستواه العلمي للتفوق والظهور، كما أن التدريس لا يقتصر على التربية العلمية من محاولة الترشيد التربوي لمسيرة الطالب بل التدريس رسالة خطيرة تحتاج مزاولتها لروح الحب والاِشفاق على الطالب ويحثَه نحو العلم وآداب العلم أيضاً وإذا كان يحصل في الحوزة أو غيرها أحياناً رجالاً لا يخلصون لمسؤولية التدريس والتعليم فإن في الحوزات أساتذة مخلصين يرون التدريس رسالة سماوية لابد من مزاولتها بروح المحبة والعناية التامة بمسيرة التلميذ العلمية والعملية وقد كان الاِمام الحكيم قدس سره مضرب المثل في خُلقه التربوي لتلامذته وطلابه ، وكما كانت علاقة الاِمام الخوئي قدس سره بتلامذته فلقد رأيت هذا الخُلق متجسداً في شخصية السيّد السيستاني ( دام ظله ) فهو يحث دائماً بعد الدرس على سؤاله ونقاشه فيقول :‏ اسألوا ولو على رقم الصحفة ، لبحث معين أو اسم كتاب معين حتى تعتادوا على حوار الاَستاذ والصلة العلمية به وكان يدفعنا لمقارنة بحثه مع البحوث المطبوعة والوقوف عند نقاط الضعف والقوة وكان يؤكد دائماً على احترام العلماء والاِلتزام بالاَدب في نقاش أقوالهم ويتحدث عن أساتذته وروحياتهم العالية وأمثال ذلك من شواهد الخُلق الرفيع .‏
• الورع :‏ إن بحوث النجف ظاهرة جلية في كثير من العلماء والاَعاظم وهي ظاهر البعد عن مواقع الضوضاء والفتن وربما يعتبر هذا البعد عند البعض موقفاً سلبياً لاَنه هروب من مواجهة الواقع وتسجيل الموقف الصريح المرضي للشرع المقدس ، ولكنه عند التأمل يظهر بأنه موقف إيجابي وضروري أحياناً للمصلحة العامة ومواجهة الواقع وتسجيل الموقف الشرعي يحتاج لظروف موضوعية وأرضية صالحة تتفاعل مع هذا الموقف ، فلو وقعت في الساحة الاِسلامية أو المجتمع الحوزوي إثارات وملابسات بحيث تؤدي لطمس بعض المفاهيم الاَساسية في الشريعة الاِسلامية وجب على العلماء بالدرجة الاَولى التصدي لاِزالة الشبهات وإبراز الحقائق الناصعة ، فاذا ظهرت البدع وجب على العالم أن يُظهر علمه فإن لم يفعل سُلب منه نور الاِيمان ، كما جاء في الحديث ، ولكن لو كان مسار الفتنة مساراً شخصياً وجواً مفعماً بالمزايدات والتعصبات العرقية والشخصية لمرجع معين أو خط معين أو كانت الاَجواء تعيش حرباً دعائية مؤججة بنارالحقد والحسد المتبادل فإن علماء الحوزة منهم السيّد السيستاني ( دام ظله ) يلتزمون دوماً الصمت والوقار والبعد عن هذه الضوضاء الصاخبة كماحدث بعد وفاة السيّد البروجردي قدس سره ووفاة السيّد الحكيم قدس سره وما يحدث غالباً من التنافس على الاَلقاب والمناصب والاِختلافات الجزئية كما هوالحال في يومنا الحاضر مضافاً لزهده المتمثل في لباسه المتواضع ومسكنه الصغير الذي لا يملكه وأثاثه البسيط .‏
• الاِنتاج الفكري :‏ السيّد السيستاني ليس فقيهاً فقط بل هو رجل مثقف مطلع على الثقافات المعاصرة ومتفتح على الاَفكار الحضارية المختلفة ويمتلك الرؤية الثاقبة في المسيرة العالمية في المجال الاِقتصادي والسياسي وعنده نظرات إدراية جيدة وأفكار اجتماعية مواكبة للتطور الملحوظ واستيعاب للاَوضاع المعاصرة بحيث تكون الفتوى في نظره طريقاً صالحاً للخير في المجتمع المسلم .‏


مرجعيته

‏نقل بعض أساتذة النجف الاَشرف أنه بعد وفاة آية الله السيّد نصر الله المستنبط اقترح مجموعة من الفضلاء على الاِمام الخوئي قدس سره إعداد الاَرضية لشخص يشار إليه بالبنان مؤهل للمحافظة على المرجعية والحوزة العلمية في النجف الاَشرف ، فكان اختيار السيّد السيستاني ( دام ظله ) لفضله العلمي وصفاء سلوكه وخطه وابتدأ بالصلاة في محراب الاِمام الخوئي قدس سره والبحث في مدرسته وكتابة التعليقة على رسالة الاِمام الخوئي قدس سره ومنسكه ، وبعد وفاة الاِمام الخوئي قدس سره كان من الستة المشيعين لجنازته ليلاً وهو الذي صلى على جثمانه الطاهر ، وقد تصدى بعدها للتقليد وشؤون المرجعية وزعامة الحوزة العلمية بإرسال الاِجازات وتوزيع الحقوق والتدريس على منبر الاِمام الخوئي قدس سره في مسجد الخضراء ، وبدأ ينتشر تقليده وبشكل سريع في العراق والخليج ومناطق أخرى كالهند وأفريقيا وغيرها وخصوصاً بين الاَفاضل في الحوزات العلمية وبين الطبقات المثقفة والشابة لما يُعرف عنه من أفكار حضارية متطورة ، وهو دام ظله من القلة المعدودين من أعاظم الفقهاء الذين تدور حولهم الاَعلمية بشهادة غيرواحد من أهل الخبرة وأساتيذ الحوزات العلمية في النجف الاَشرف وقم المقدسة ، فأدام الله ظله الوارف على رؤوس الاَنام وجعله لنا ذخراً وملاذاً.‏..

**أعزّه الله وأعزّنا به وأدام من على رؤوسنا ظلّه الوارف ..**
والسلام في البدء والختام
والفجر
والفجر

عدد الرسائل : 133
العمر : 57
تاريخ التسجيل : 21/02/2009

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

سيرة حياة المراجع العظام Empty رد: سيرة حياة المراجع العظام

مُساهمة من طرف والفجر الأحد فبراير 22, 2009 11:53 pm


[center][size=24]


[center]سيرة حياة المراجع العظام 001

[size=12][size=21]هو العلامة الكبير والباحث المحقق العظيم سماحة آية الله الحاج الشيخ محمد إسحاق الفياض دام ظله
، الذي نحن بصدد بيان سيرته وفصول من حياته وبعض آثاره ومآثره وأفضاله وخدماته الجليلة لهذه الأمة .

ولادته ونشأته :
ولد محمد إسحاق سنة 1930م في قرية (صوبة) إحدى قرى محافظة (غزني) في وسط أفغانستان الواقعة جنوب العاصمة كابل ، وهو ثاني أبناء والده محمد رضا من أخوه محمد أيوب ، وكان والده رحمه الله المتوفى سنة 1989م فلاحا بسيطا يعمل عند بعض المتمولين في القرية من ملاك الأراضي ، ليقتات من كد يمينه وعرق جبينه في إعاشة عياله ، إلا أنه كان غنيا بالإيمان وغني بما يغدقه من عطف وحنان على أسرته ، مشفوعا بحب الرسول الكريم وآله الأطهار صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين . وقد كان يرى ذلك المؤمن المزارع البسيط في ولده محمد إسحاق من علامات النبوغ والذكاء ما ألزمه أن يوليه اهتماما ورعاية خاصة ، وكأنه يقرأ في ملامح ولده مذ ولادته ما يكون عليه الوليد في مستقبل الأيام من مقام علمي وفضل وورع وتقوى يؤهله للقيام بدور بارز في خدمة دينه والمؤمنين .

بداية تعليمه :
كان يرسله والده إلى مكتب شيخ القرية يوميا -حيث لا توجد مدارس نظامية في القرية آنذاك- ليتعلم مبادئ القراءة والكتابة وتعلم القرآن ، وهو في الخامسة من العمر ، وفي فصول الشتاء ، يحمل الوالد الكريم صغيره على ظهره مغطيا إياه بما يكفي لحمايته من البرد القارص عبر الطرق الوعرة والثلوج الكثيفة ، ليوصله إلى مكتب الشيخ صباحا ويعود به إلى البيت مساء وهكذا ليتغذى الولد النبيل من مناهل العلم والمعرفة والأخلاق ، وينعم بالعطف والحنان ، فيشب على الإيمان وحب آل البيت عليهم السلام ويقرر إكمال دراساته في الحوزات الدينية كما كان ذلك رغبة والده رحمه الله ، فقرأ على شيخ القرية أبجديات العلوم وتعلم القرآن ، ومن ثم كتاب جامع المقدمات وهو كتاب يتمل على أكثر من عشر كتب مختصرة في النحو والصرف والمنطق والأخلاق لعدة مؤلفين ، يدرسها طلاب العلوم الدينية كمقدمة للكتب اللاحقة المقررة في الحوزات ، ولذلك سميت تلك المختصرات بـ(جامع المقدمات).

المدرسة الدينية :
انتقل الطالب المجد بعد مكتب شيخ القرية إلى قرية (حوت قل) المجاورة وهو ابن الخامس عشر من العمر لينظم إلى صفوف المدرسة الدينية التي أسسها الشيخ قربانعلي وحيدي رحمه الله وهو من خريجي مدرسة النجف الأشرف في العراق .
أكمل في تلك المدرسة قراءة كتاب (جامع المقدمات) وكتاب (البهجة المرضية في شرح الألفية) المعروف في الأوساط الدراسية بكتاب السيوطي نسبة إلى مؤلفه جلال الدين السيوطي المتوفى 911هـ في النحو وقواعد اللغة العربية لأربع سنوات ، وعند أساتذتها كالشيخ ملا إسماعيل وملا حيدر علي رحمهما الله تعالى .
وكان نظام المدرسة حينها يكفل للطالب مكان الإقامة والمبيت في إحدى غرفها الصغيرة ، وعلى الطالب أن يتكفل بمصاريفه الشخصية من اللباس والطعام الذي كان عادة ما يتكون من جلب الطحين من منازلهم لتقوم بعض نساء القرية بعجنها وعملها خبزا للطلاب من دون أجر .

وفاة والدته والانتقال إلى مشهد :
في تلك الفترة فقد محمد إسحاق والدته رحمها الله حيث وافاها الأجل المحتوم اثر مرض ألم بها ، فحزن لفقدها وتألم كثيرا ، حيث فقد معها العطف وحنان الأمومة ، إلا أن المصاب رغم فداحته لم يثنه عن مواصلة التعلم ، بل زاده إصرارا حتى قرر الانتقال من مدرسة القرية إلى مدينة مشهد المقدسة في إيران ، وذلك كخطوة أولى منه ، لما يدور في ذهنه ويعمل من أجله بشغف بالغ متمنيا تحقيق أمنية ، ألا وهو الانتقال إلى الحوزة العلمية الدينية بالعريقة في النجف الأشرف في العراق .

في مدينة الإمام الرضا عليه السلام :
استقر الشيخ محمد إسحاق لسنة واحدة في مدرسة (الحاج حسن) الواقعة في منطقة (بالا خيابان) والتي شملها مشروع توسعة الحرم الرضوي فيما بعد ، فتهدمت المدرسة ووقعت ضمن الساحة الكبيرة للحرم المقدس حاليا ، قرأ خلالها كتاب (حاشية ملا عبدالله) وهو الحاشية على كتاب (تهذيب المنطق) للمولى عبدالله بن شهاب الدين الحسيني المتوفى 981هـ ، ومقدار من كتاب (المطول) لسعد الدين التفتازاني ، في علم المعاني والبيان والبديع ، قرأها عند الأستاذ الشهير الشيخ محمد حسين النيشابوري المعروف بالأديب النيشابوري رحمه الله ، وهناك لاحظ الشيخ التلميذ مفارقة في نمط الاستفادة من الأستاذ ونظام التدريس ، حيث الأستاذ النيشابوري يطلب أجرا على تعليم الطلاب ولو كان رمزيا ، وذلك لتأمين عيشه البسيط من ناحية ، وليتأكد من وجود الطلبة المجدين في تحصيل العلم وليس مجرد الحضور الرسمي في مجلس درسه من ناحية أخرى ، وكان سماحة المرحوم آية الله السيد يونس الأردبيلي العالم الكبير المعروف في مدينة مشهد وهو الذي يتكفل بتأمين خبز الطلبة ، كما كان العالم الجليل المرحوم الشيخ أحمد الكفائي نجل آية الله الشيخ الآخوند ، وهو المتولي المسؤول على المدارس الدينية في مشهد المقدسة يعطي الطلاب مبلغا شهريا بمقدار أربعين ريالا (نصف دولار تقريبا في حينها) ، وبهذا المبلغ البسيط يؤمن الطالب حياته اليومية البسيطة بأدنى متطلباتها .
[/size]
[/size][/center][/size][/center]
والفجر
والفجر

عدد الرسائل : 133
العمر : 57
تاريخ التسجيل : 21/02/2009

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

سيرة حياة المراجع العظام Empty رد: سيرة حياة المراجع العظام

مُساهمة من طرف والفجر الإثنين فبراير 23, 2009 12:31 am


هدفه الوصول إلى النجف :ش
إن تلك الأمور وغيرها من المتاعب التي كانت تواجهه,لم تكن تعني للطالب المجد والمثابر شيئاً سوى المزيد من الإصرار في التعلم وبلوغ مرامه للوصول للحوزة العلمية الدينية في النجف الأشرف في العراق, وهو في بحث وسؤال دائمين حول طريق السفر, حيث كان قد ترسخ في ذهنه - وهو طالب صغير في قريته - أهمية النجف وخصوصيته, لما كان يسمعه من فضل النجف مدينة وحوزة على غيرها من المدن والحوزات ,وذلك مما يدور في أحاديث الطلبة وأساتيذهم وبخاصة العلماء الذين كانوا قد تخرجوا من النجف واستقروا في مناطقهم, ومنهم مؤسس المدرسة الدينية التي درس فيها في قرية <<حوت قل>> , أو من أولئك الذين كانوا مازالوا مستمرين في النجف ويترددون في الزيارات إلى أهليهم , فينقلون في مجالسهم ومحاضراتهم , الخصوصيات والميزات بين الحوزات التي زاروها أو استقروا لبعض الوقت فيها , ويذكرون أفضلية النجف على غيرها , يقول الشيخ الفياض في هذا الصدد: << أول ما سمعت باسم النجف ومرتبة الحوزة العلمية فيها , كان من شيخ قريتنا , ومن ثم في المدرسة الدينية , وكلما كنا نسمع عن النجف شيئاً كنا نسمع عن المبرز فيها , ألا وهو السيد الخوئي ، وذلك بواسطة الأفاضل من تلامذته أمثال الشيخ عزيز الكابلي , والسيد محمد حسن الرئيس , والشيخ محمد علي المدرس رحمة الله تعالى عليهم أجمعين.

تأثيرات النجف على وافديها :
ولقد كان من تأثير العوامل الدينية المتقدم ذكرها وزهد العلماء والعادات الاجتماعية والثقافة والمكانة العامة ، أن أنجبت أقطابا تمحضت أقوالهم وأفعالهم لله وحده ، فإن نطقوا ففي نطقهم الصدق والهداية ، وان سكنوا ففي سكونهم التفكير والطاعة وصلاح الأمة ، وإن فعلوا ففي فعلهم الخير ، وإن آخوا آخوا في الله ، وإن عادوا عادوا في الله وحده .
وسماحة آية الله الشيخ محمد إسحاق الفياض واحد من أولئك الذين هاجر إلى النجف الأشرف ، ونهل من نمير علومها وتربى في مدرستها وتحلى بآدابها وأخلاقها ، تلميذا مجدا ومن ثم أستاذا بارعا ، حتى أصبح زعيما من زعمائها وواحدا من المبرزين بين علمائها الكبار ، الذي تقع على عاتقه مسؤولية واحدة من أهم الحلقات الدراسية فيها وكذلك مرجعية الناس في التقليد .

رحلة الشيخ إلى العراق:
انتقل الشيخ الفياض بعد عام من الدرس في حوزة مدينة مشهد -كما تقدم - إلى مدينة قم المقدسة لزيارة قبر السيدة المعصومة أخت الإمام الرضا عليه السلام ومنها انتقل إلى مدينة أهواز، فالمحمرة، حيث نزل في فندق، وبعد فترة اتصل بالسيد الجليل السيد أبو حسن البحراني رحمه الله، الذي كان إمام المحمرة ومن الشخصيات الدينية المعروفة هناك، وقد قام بترتيب أمر سفره إلى البصرة وأوصى السيد الجليل الدليل بأن يأخذ الضيف إلى البصرة،إلى منزل الشيخ عبد المهدي المظفر رحمه الله،وهومن الشخصيات اللامعة في البصرة والذي كان بيته مأوى للناس، حيث المجلس الكبير والمضيف العامر والكرم والخلق الإسلامي الرفيع وخدمة المؤمنين.

من البصرة إلى النجف:
بقي الشيخ محمد إسحاق عند الشيخ المضفر مدة يومين، حتى تمكن الشيخ المضفر من ترتيب أمر سفره بواسطة السيد علي الحكاك صاحب المسافر خانه المعروف في البصرة، إلى النجف الأشرف عن طريق القطار الذي أوصله إلى مدينة المسيب على مسافة (60كم) جنوب العاصمة بغداد، فنزل منها إلى مدينة كربلاء المقدسة، وبعد زيارة حرمي الإمام الحسين وأخيه العباس عليهما السلام انتقل في اليوم نفسه إلى النجف الأشرف، بعد أداء مراسم الزيارة في حرم الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام، نزل ضيفاً عند الشيخ غلام حسين أحد طلاب مدرسة (السليمية) الواقعة في محلة المشراق.

في النجف الأشرف:
وصل الطالب الجديد إلى النجف وهو شاب في مقتبل ربيعه الثامن عشر، وقد مر في طريقه إليها -كما تقدم- بتجارب عديدة أصقلت مواهبه وعلمته بعض مصاعب الحياة على اختلاف أنواعها والفرق بين نظم العيش والأخلاق والعادات في مدن عديدة مختلفة، إلا أن للنجف الأشرف كمدينة وللحوزة العلمية فيها كمدرسة، صعوباتها وظروفها الخاصة ومتاعبها كما هي العادات والتقاليد المختلفة بين الشعوب والبلدان،مقابل ما لها من خصوصيات إيجابية في مقدمتها بركة وجود مرقد أمير المؤمنين الإمام علي عليه السلام، والانفتاح والتقدم العلمي لحوزتها الدينية التي أهلتها أن تتصدر الحوزات الأخرى وتتزعم قيادتها وتخرج آلاف العلماء وتستقر فيها المرجعية العليا للطائفة، ولينشد إليها أفكار وأنظار طلاب وعشاق علوم أهل البيت عليهم السلام ومواليهم من جميع نقاط العالم .
وعلى النزيل الجديد تقع مسؤولية التكيف مع تلك الظروف وتحمل تخطي صعابها بناء على قدرته في الإصرار والمثابرة على الاستمرار ، ابتداء من تحمل مناخها الحار الشيديد صيفا والبارد القارص شتاء ، إلى ضرورة تعلم اللغة العربية أولا للواردين إليها من غير المتكلمين بها ، والبحث عن مكان مناسب للإقامة ، والتفتيش بين مئات الحلقات الدراسية الموجودة والمنتشرة في عشرات المدارس والمساجد في أطراف المدينة للعثور على الحلقة المناسبة للتلميذ من حيث المستوى والأستاذ والمباحث ، وكيفية الحصول على الكتب الدراسية المنتظمة أو تلك التي يحتاجها الطالب لمطالعاته الخاصة في الحقول المختلفة ، إلى التعرف على الطلاب الآخرين ومستواهم العلمي والأخلاقي لإختيار البعض منهم كزملاء في البحث والدرس ، إلى ضرورة تأمين المواد اللازمة للمأكل والملبس وضرورات العيش ، وغيرها ، ويقول الشيخ محمد إسحاق الفياض في هذا الصدد : (كان قدومي إلى النجف الأشرف بسنوات بعد وفاة السيد أبو الحسن الأصفهاني ، وفي أواخر فترة العهد الملكي ، وأوائل فترة مرجعية السيد محسن الحكيم الذي كان قد أجرى راتبا شهريا للطلبة بمقدار دينارين للطالب المعيل ومبلغ دينار للطالب الأعزب من أمثالنا ، وكنا غالبا ما نأكل الخبز والبصل ، ولا يخطر ببال أحدنا أن يأكل يوما شيئا مما يسمى بالفواكه) .
والفجر
والفجر

عدد الرسائل : 133
العمر : 57
تاريخ التسجيل : 21/02/2009

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

سيرة حياة المراجع العظام Empty رد: سيرة حياة المراجع العظام

مُساهمة من طرف والفجر الإثنين فبراير 23, 2009 12:38 am

زيارة العلماء والمدارس :
ما إن استقر الطالب الجديد والضيف النزيل عند أحد الطلاب من بني قومه الذي كان قد سبقه إلى النجف ، مشاركا إياه في غرفته الصغيرة من غرف مدرسة السليمية حتى بدأ بزيارة العلماء والمراجع لأداء واجب الاحترام ، والتعرف عليهم عن قرب ، وطلب التوجيه والإرشاد منهم في المهمة التي نذر نفسه بها ، ألا وهي طلب العلم وخدمة الدين والمؤمنين ، كما قام بزيارة عدد من المدارس والمساجد التي تكتض بالأساتذة وجموع الطلبة في حلقات الدرس والبحث هنا وهناك ، وقد كان عونه في تلك الأمور سماحة العلامة المغفور له الشيخ محمد علي الأفغاني المعروف بالمدرس والذي كان من المهتمين والمتابعين لتسهيل وإنجاز أمور الطلبة وقضاء حوائج بني قومه من الطلبة المقمين في النجف الأشرف وبخاصة الوافدين الجدد منهم ، وهو الأستاذ البارع الشهير لمرحلة المقدمات والسطوح ، ولذلك لقب بالمدرس فقط أخذ الشيخ الفياض معه إلى زيارة المرحوم آية الله السيد محسن الحكيم في مجلسه العام وزار السيد الخوئي في منزله لعلاقة الشيخ المدرس الخاصة وقربه منه .

الاستقرار في المدرسة :
بقي الشيخ محمد إسحاق يشارك مضيفه الشيخ غلام حسين في غرفته الصغيرة في مدرسة السليمية لعدة أشهر ، حتى قرر زميله إكمال نصف دينه بالزواج وقد وفقه الله تعالى لذلك ، فترك الإقامة في المدرسة وانتقل إلى منزله الجديد ، واستقر الشيخ محمد إسحاق في الغرفة منفردا بها ، منكبا على الدرس والبحث والمطالعة والكتابة .

الدروس والأساتذة :

منذ وصول الشيخ الفياض إلى النجف واستقراره في المدرسة، بدأ في شوق وجد واجتهاد دون كلل أو ملل بإكمال ما تبقى عند إكمالها من الكتب التي قرأها في مدرسة القرية أو في حوزة مشهد، فقرأ كتاب (قوانين الأصول) لأبي القاسم القمي والمعروف في الحوزات بكتاب (القوانين)، وكتاب (حاشية ملا عبد الله)، وقسم من كتاب (الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية) عند المرحوم الشيخ ميرزا كاظم التبريزي، وأكمل كتاب (اللمعة) عند المرحوم السيد أسد الله المدني والشيخ ميرزا علي الفلسفي دام ظله، كما أكمل كتاب (المطول) عند المرحوم الشيخ محمد علي المدرس.
ثم انتقل الطالب المجد إلى دراسة مرحلة السطوح ليتأهل لحضور بحوث الخارج لدى العلماء الكبار ، فقرأ كتب (الكفاية) للشيخ الآخوند الخراساني، وكتابي (الرسائل) و (المكاسب المحرمة) للشيخ مرتضى الأنصاري عند المرحوم الشيخ مجتبى اللنكراني، كما أن في تلك الفترة يتباحث في الكتب التي يدرسها مع بعض زملائه ، ويدرس ما فرغ من تحصيله إلى الطلبة المبتدئين من بعده، كما هو المتعارف في نظام التعليم في الحوزة الدينية في النجف الأشرف ، حيث يتمرن الطالب منذ البدء ، على تعلم نظام التدريس وهو يدرس مرحلة أعلى، فهو تلميذ وأستاذ في وقت واحد، وتسمّى تلك المرحلة في عرف الحوزات الدينية بمرحلة السطوح التي تستغرق حوالي خمس سنوات للطالب المجد والمثابر، والتي انتهى منها الشيخ الفياض بأقل من تلك المدة، وسرعان ما التحق بحلقات بحوث كبار العلماء لمرحلة الخارج.

بحث الخارج:
بعد أن وقف الشيخ الفياض على الآفاق الرحبة للفكر الإسلامي واعتاد الأجواء العلمية والروحانية منها، في مراحل دراسة السطوح، حيث الكتب الدراسية المعهودة التي قرأها على أفاضل علماء وأساتيذ الحوزة العلمية من المتقدمين ذكرهم، وقد أكملها بتفوق ملحوظ وإشادة من أساتذته، انتقل إلى المرحلة الدراسية المعروفة ببحث الخارج، حيث تقع مهمة التحضير والإعداد على الطالب نفسه،من غير أن يتقيد بمصدر علمي أو كتاب خاص، فيقوم الطالب بنفسه قبل أن يحضر المحاضرة بإعداد مادة المحاضرة من فقه أو أصول،ثم مراجعة أقوال العلماء في هذه المادة وما يمكن أن يصلح دليلا لها، وما يمكن أن يناقش به هذا الدليل، ثم يحاول الطالب أن يستخلص لنفسه رأياً خاصاً في هذه المسألة، فإذا فرغ من هذا الإعداد، حضر إلى درس الأستاذ ليستمع إلى توجيهاته، والبحث عن أطرافها وعما يتصل بها، وطرح آراء كبار العلماء في المسألة وما يمكن أن يصلح دليلا لها، وما يمكن أن تناقش به، ورأي الأستاذ في نهاية المطاف، وقد اعتاد الأساتذة في المدرسة النجفية، على أن يجمعوا بين وقار الشيخوخة وإنصاف الحق وأتباعه حيثما كان ومن دون نظر إلى الوضع الخاص للطالب أو عمره، ومن ذلك يظهر أن للدرس الخارج في النجف الأشرف نحو من الإشراف والتوجيه العام علمياً وأخلاقياً وصقل المواهب، ثم يقوم به أساتذة متضلعون، مارسوا طويلاً التدريس والبحث والتنظير، وعرفوا بإصابة الفكر وعمق النظرة ودقة الإلتفاتة وسعة الإحاطة، وتتسع حلقات الدرس الخارجي تبعاً لشهرة الأستاذ العلمية ومدى نجاحه في البيان وطريقة العرض وقوة الدليل في مناقشة الآراء وما يطرحه من جديد في ذلك المجال.
ويستمر الطالب على هذا النمط الخاص من الدراسة في الفقه والأصول حتى يبلغ مرحلة الاجتهاد في الوقت نفسه في الوقت نفسه الذي يقوم فيه أيضاً بإدارة حلقات دراسية خاصة في مرحلة السطوح، كما تقدم، وعندما يبلغ الطالب مرحلة الاجتهاد في البحث والاستنباط وصوغ الدليل والجمع بين الأحاديث ووجوه الرأي، ومناقشة الأقوال، فيستقل الطالب، بعد هذه المرحلة الطويلة التي قد تستغرق أكثر من ربع قرن، بالاجتهاد وإبداء الرأي والتوجيه.
وقيل في مصطلح (بحث الخارج) أنه أطلق على هذه المرحلة لأن التدريس فيها يتم خارج متن الكتب، فهو لا يعتمد على رأي خاص ولا على عبارة كتاب معين كما هو في المراحل السابقة، ويتمرن الطالب في أثناء مزاولة هذه المرحلة من الدراسات العليا على الاجتهاد في الرأي، فلا يخرج منها إلا وهو واثق من نفسه في سعة أفقه ودقة آرائه وتحقيقها.
والطابع العام لحلقات بحث الخارج هو الحرية الكاملة في الرأي والتعبير، مستفادة من حرية الاجتهاد التي تدخل في تكوين الشخصية العلمية في مدرسة النجف، ولذلك من حق الطالب أن يقطع على الأستاذ المحاضر درسه ويناقشه في بعض آرائه، ولا يجد الأستاذ مهما بلغت شهرته العلمية، حرجاً في أن ينزل عند رأي الطالب إذا وجد الحق إلى جانبه، وقد يحضر بحث الخارج في كثير من الأحيان مجتهدون كبار كما كان في مجلس بحث السيد الخوئي، عندما أصبح أستاذاً لهذا الدرس، وعليه فإنه في مثل هذا الجو العامر بالبحث والتحقيق والتعميق ينشأ الطالب النجفي وتتبلور لديه مسائل الفكر الإسلامي وفقهه وأصوله.
حضر الشيخ الفياض بحث الخارج وهو في بدايات العشرين من عمره ، واختار حلقات بعض الأساتذة الكبار من علماء النجف القديرين لعدة اشهر ، حتى استقر على بحث أستاذه الذي اشتهر طلابه به واشتهر هو بهم ، فكلما ذكر الخوئي ذكر معه الروحاني والصدر والسيستاني والفياض وغيرهم من أفاضل تلامذته ، كما لو ذكر أحدهم لازمه ذكر الخوئي أستاذا له .
وقد استمر الشيخ الفياض على هذا الدرس يوميا لأكثر من خمسة عشر سنة دون انقطاع في حلقتي الفقه والأصول منها ، مواظبا ومتابعا ومقررا للبحث .
كتابة التقريرات :
اعتاد العلماء الأفاضل في الحوزات العلمية أن يقرروا بحوث الأستاذ بعد الدرس على بعض زملائهم ويكتبونها منظمة بعد التحقيق وإخراج المصادر والمقارنة بين الآراء وأدلتها ، ومن ثم عرضها على الأستاذ فإن وافق عليها ، تطبع وتنشر لتكون دليلا على قوة البحث وبيان رأي الأستاذ وفضل الطالب ، وتلك الكتب المعروفة في أوساط الحوزات العلمية بـ (التقريرات) ، وقد دأب الشيخ الفياض منذ حضوره بحث أستاذه الإمام الخوئي على هذا المنوال ، فكان يقرر البحث على بعض الزملاء ومواظبا على كتابتها يوما بعد يوم في حلقتي الفقه والأصول ، حتى أكمل تقرير الدورة الخامسة من دورات بحث الأستاذ في علم أصول الفقه ، فكان الكتاب المعروف بـ (المحاضرات) .
والفجر
والفجر

عدد الرسائل : 133
العمر : 57
تاريخ التسجيل : 21/02/2009

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

سيرة حياة المراجع العظام Empty رد: سيرة حياة المراجع العظام

مُساهمة من طرف والفجر الإثنين فبراير 23, 2009 12:47 am


بداية الشهرة :
من المعروف في نظام الحوزة الدينية أنه لا توجد مراحل مقيدة بزمان أو امتحان معين لتجاوز الطالب لها بشهادة معينة يشتهر بها ، وإنما تكون الشهرة والاعتراف بالفضل والمستوى العلمي للطالب من خلال حضوره المستمر في الحوزة درسا وتدريسا ومباحثة ومناقشة في المجالس عند طرح مسألة معينة ، وتكون على رأسها وفي مقدمتها تقرير الطالب لبحوث أستاذه وموافقة الأستاذ على طبع تلك التقريرات وشهادته عليه فيما يكتبه عند إجازة الطبع والتي تسمى في عرف الحوزة بـ (تقريض الأستاذ) على التقريرات ، وعادة ما تأتي مختصرة جدا ولكنها ذات معنى ومغزى كبيرين ، ويكون التقريض وبحسب شهرة الأستاذ ومستواه العلمي ذات دلالة كبيرة في الشهادة على مستوى التلميذ وفضله ، ومن ذلك تكون شهرة الطالب وانتشار اسمه ومعرفة قدره ومستواه العلمي في الأوساط الحوزوية كافة .
وقد جاء في تقريض الإمام الخوئي على تقريرات الشيخ الفياض قوله (الذي كتبه تقريرا لأبحاثي بأسلوب بليغ وإلمام جدير بالإشادة والإعجاب) ، وهذا نص التقريض الموجود في مقدمة الجزء الأول من كتاب (المحاضرات) :
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد وعترته الطيبين الطاهرين ، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين ، وبعد :
فإني أحمد الله تعالى على ما أولاني به من تربية نفر من ذوي الكفاءة واللياقة حتى بلغ الواحد منهم تلو الآخر درجة راقية من العلم والفضل ، وممن وفقت لرعايته وحضر أبحاثي العالية في الفقه والأصول هو قرة عيني العلامة المدقق الفاضل الشيخ محمد إسحاق الفياض دامت تأييداته ، وقد عرض علي الجزء الأول من كتابه (المحاضرات في أصول الفقه) الذي كتبه تقريرا لأبحاثي بأسلوب بليغ وإلمام جدير بالإشادة والإعجاب ، وإني أبارك له هذا الجهد الميمون وأسأله تعالى أن يوفقه لإتمام مرامه ، إنه ولي التوفيق . في (6/جمادى الثانية/سنة1382هـ) .
وبملاحظة تاريخ التقريض الموافق 4/11/1962م والذي هو تاريخ طبع الكتاب
، وبملاحظة عمر الشيخ الفياض وهو في سني شبابه ، وما ذكره في حقه أستاذه آنذاك ، يظهر جليا ما هو عليه شيخنا المعظم ، من مقام علمي وفضل ، وما كان يكنه له أستاذه من حب وتقدير كبيرين ، منذ ذلك التاريخ .
كما يحكى أنه لما قدم الشيخ الفياض تقريرات بحوث أستاذه لإجازته في طبعها ، كان بعض ممن يخالف معترضا على الإمام الخوئي موافقته على ذلك ، بحجج واهية غير مستندة على منطق سليم ، كعمر الطالب وانتمائه القومي ، وكان الإمام الخوئي يقول في ردهم : إن المناط هو علم الطالب وفضله ، وما يدل من تقريراته على جده واجتهاده وذكائه وعمله الدؤوب ومتابعته وقوة ملاحظاته ، وليس المناط عمره ، فإنه كانت الاعتراضات هذه وشبهها على أساس صغر سني آنذاك ، تحاول منع أستاذي الشيخ النائيني رحمه الله ، من إجازته طبع تقريرات بحوثه التي كتبتها (أجود التقريرات) فإنه يجب إنصاف الحق وإعطاء كل ذي حق حقه ، كما ينبغي تشجيع المجد والمثابر ودعمه في الاستمرار على ذلك النهج .
وبالفعل فقد أجاز الأستاذ طبع التقريرات تلك ، مع الإشادة المناسبة بمقررها ، وهكذا كان الإمام الخوئي مع جميع تلامذته المجتهدين . ويقول سماحة الشيخ الفياض في مقدمة تلك التقريرات ما هذا نصه :

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير خلقه محمد وآله الطاهرين ، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين ، وبعد ، فهذا هو الجزء الأول من كتابنا محاضرات في أصول الفقه وهو مشتمل على ما استفدته من تحقيقات علية ومطالب شامخة وأفكار مبتكرة من مجلس درس سيدنا الأستاذ الأفخم سماحة آية الله العظمى السيد أبو القاسم الخوئي ، إذ عكفت ضمن المئات من الطلاب على مجلس درسه الشريف في جامعة العلم الكبرى النجف الأشرف التي أسندت إليه زعامتها ، وألقت بين يديه مقاليدها ، فقام بالعبأ خير قيام في محاضراته وبحوثه ، وتربى على يديه الكريمتين جيل من الأفاضل الأعلام .

وإني إذ أبتهل إلى المولى سبحانه أن يوفقني لإلحاق الجزء الثاني بهذا الجزء في الطبع ، أسأله تعالى أن يمتعنا وعموم المسلمين بدوام وجود أستاذنا الأفخم ويديم أيام إفاداته العامرة .

محمد إسحاق الفياض



وقد وفق الله سماحته في إتمام طبع الأجزاء الخمسة من تقريرات أستاذه في علم أصول الفقه ، وهي تعد اليوم من أهم المصادر العلمية في ذلك الفن ، يتداوله العلماء والطلاب العلوم الدينية في جميع الحوزات درسا وتدريسا ومطالعة ومراجعة للوقوف على الآراء الجديدة والأفكار والنظريات التي تحويها ، والتي لا غنى لهم عنها .

التدريس :
خلال تلك الفترة وما بعدها ، كان شيخنا الفياض واحدا من الأساتذة المبرزين المشهورين في الحوزة ، حيث يلقي دروسه وبحوثه على جمع كبير من الأفاضل من طلاب العلوم الدينية ، يدرس الكتب المعهودة لمستوى السطوح العليا وهي الرسائل والكفاية والمكاسب في حلقات متعددة في المسجد الهندي المعروف ، كما كان أستاذه هذه المرحلة لأكثر من عشر سنوات في جامعة النجف الدينية التي أسسها المرحوم السيد محمد كلانتر ، حتى بدأ بإلقاء بحوث الخارج عام 1978م في مدرسة السيد اليزدي الصغرى الواقعة في محلة العمارة ، وعند افتتاح مدرسة دار العلم المعروفة التي أنشأها الإمام الخوئي عام 1980م فقد انتقل مجلس بحثه إلى هناك حتى تاريخ هدم المدرسة ، فانتقل مجلس الدرس إلى المسجد الهندي الكبير في فترة قليلة ، ومن ثم إلى مدرسة اليزدي وهي مدرسة أسسها المرجع الكبير السيد كاظم اليزدي (قده) وإلى اليوم ، يحضره جمع كبير من الطلبة وفيهم غير واحد من الأفاضل ممن يقرر بحوثه على أمل طبعها إن شاء الله .

لجنة الاستفتاء :
ولما تعارف لدى المراجع العظام تشكيل لجنة من خاصة المقربين إليهم من أفاضل تلامذتهم والعلماء المبرزين، تسمى بـ (لجنة الاستفتاء) للإجابة على السيل الكبير من الرسائل والاستفسارات الواردة إليهم من مختلف نقاط العالم من مقلديهم، وذلك بعد التمحيص والبحث والمناقشة والتحقيق حتى الوصول إلى الرأي الشرعي الصحيح بنظرهم مع موافقة المرجع لكتابته في الجواب على السؤال الوارد، مما قد يستغرق البحث في مسألة واحدة عدة أيام قبل إمضائها.
ولطول المدة الزمنية التي تجاوزت ربع القرن لمرجعية الإمام الخوئي، وإجماع الأساتذة وكبار تلامذته ، منهم العالم الشهير والباحث العبقري السيد محمد باقر الصدر (قده) على أعلميته وكثرة مقلديه في مختلف بقاع العالم ، فكانت الاستفتاءات الواردة إليه في كل يوم من أقطار العالم الإسلامي بمختلف اللغات كثيرة ، وهي مما دعا الإمام الراحل أن يشكل لجنة الإفتاء من العلماء والمجتهدين الكبار من تلامذته للقيام بهذه المهمة ، وقد كان سماحة الشيخ الفياض لما يملكه من مؤهلات عالية من فضل وعلم وقرب مقام من الإمام الخوئي، واحدا من أولئك الذين استمر بالعمل في هذه اللجنة لأكثر من خمسة وعشرين سنة، حتى آخر يوم من حياة الإمام الراحل (قده) ، وكما هو المعروف فإن تلك اللجنة ضمت في فترات مختلفة أسماء علماء كبار ومجتهدين عظام تصدوا إلى مقام المرجعية فيما بعد ، أو هم في مقامها، من أمثال:
آية الله السيد علي البهشتي دام ظله، وآية الله السيد مرتضى الخلخالي (فرج الله عنه)، وآية الله السيد محمد الروحاني (قده)، وآية الله الشيخ ميرزا علي الغروي (قده)، وآية الله السيد محمد باقر الصدر (قده)، وآية الله الشيخ ميرزا جواد التبريزي، وآية الله الشيخ وحيد الخراساني، وآية الله السيد تقي القمي، وآية الله الشيخ ميرزا علي الفلسفي ، وآية الله السيد علي السيستاني دامت ظلالهم الوارفة، وغيرهم كثير من العلماء الأفاضل وكبار أساتذة الحوزات العلمية.

المؤلفات:
مع الالتزامات الكثيرة لشيخنا المعظم في قيامه بأداء الواجب الديني لخدمة المؤمنين من استمراره في إلقاء الدروس وتربية الأفاضل من تلامذته وحضوره اليومي في مجلس استفتاء الإمام الخوئي أيام حياته (قده) ، وغيرها من الالتزامات الاجتماعية في قضاء حوائج الناس، ومراجعتهم إياه لأخذ الأحكام وفي احتياجاتهم الخاصة وغيرها، ومع كل تلك الانشغالات والمسؤوليات فقد دأب سماحته إلى أن يفرغ بعضا من وقته للتحقيق والتصنيف ، وإغناء المكتبة الإسلامية بتأليفاته القيمة، وطبع منها حتى الآن:
1- محاضرات في أصول الفقه، في عشر مجلدات ، طبع خمسة منها.
2- الأراضي.
3- النظرة الخاطفة في الاجتهاد.
4- تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى، طبع منها عشرة أجزاء.
5- أحكام البنوك.
6- منهاج الصالحين، في ثلاثة مجلدات.
7- مناسك الحج.
8- المباحث الأصولية، في 14 مجلدا، طبع منه 3 مجلدات ، ويليها سائر المجلدات
.

أدام الله أيام سماحته بالخير ومزيد من التوفيق والعطاء لخدمة الدين الحنيف والمذهب الحق، وجعله ذخرا لهذه الأمة بدوام ظله الشريف على رؤوس الأنام ،
والحمد لله رب العالمين..

والسلام في البدء والختام
والفجر
والفجر

عدد الرسائل : 133
العمر : 57
تاريخ التسجيل : 21/02/2009

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

سيرة حياة المراجع العظام Empty رد: سيرة حياة المراجع العظام

مُساهمة من طرف الطارق الثلاثاء مارس 03, 2009 1:19 am

بارك الله فيك اخي العزيز
الطارق
الطارق

عدد الرسائل : 54
تاريخ التسجيل : 18/02/2009

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

سيرة حياة المراجع العظام Empty السيدالشهيد الصدر فكر ونضال

مُساهمة من طرف ???? الأربعاء مارس 04, 2009 12:33 am

ان ديدن الشعوب تعظيم رجالها ومفكريها وعلمائها على اختلاف مشاربهم ونحلهم فالكل يرى بأم عينه كيف يعظم الرأسمالين والاشتراكين قادتهم اذ يجعلون ذلك اليوم يوم معظم ومبارك وفاءً لماقدموه لهم من فكر وتضحيات وها نحن نمر في هذه الايام بذكرى استشهاد احد قادة المسلمين فلم نرى احد اً قد أجهد نفسه بذكر ذلك المفكر والشخصية الفذة التي اعطت مااعطت من خير كثير للاسلام والمسلمين فلم نجد الاالخمول والجمود وهذا الموقف ان دلّ على شيء فانما يدل على الترسبات التي تركتها الجاهلية العمياء المتأصلة في النفوس المريضة اما الاحرار باقون على العهد والولاء وقلوبهم تعتصر ألما وحسرة وحرقة على قائدهم وسيدهم ومرجعهم رضوان الله تعالى عليه فهذا الفكر لابد له من البقاء رغم انوف الظلم والظالمين فما نذكره هو القليل القليل من منجزا هذه الشخصية ومن مجزاته :-
1- على الصعيد الاجتماعي :
ان تربية المجتمع هي الركيزة الاساسية لبناء امة مثالية متكاملة فقد كان لهذا المفكر العملاق الدور الريادي في هذا المجال فلقد تبنى ذلك المشروع التربوي بنفسه ولم يجعل حاجزاً بينه وبين الناس وهذه بحدّ ذاتها قفزة راقية للمجتمع لان المجتمع لم يجد من ينزل في الساحة ويراقب معه الامور عن كثب فكان الاب الروحي والاب الناصح والمضحي ،لذلك توجهت القلوب الطاهرة نحوه فاخذ يملي عليها الخير والايمان والتقوى غير مكتر ث مما يقوله الغير جاعلا معياره رضا الله تعالى فنهض بالمجتمع نهوضا بدأ معه من الصفر غير مبال وغير متململ فأنتج نتاجا طيبا اذ صنع رجالا كفوئين لقيادة الامة وتحمل الاعباء من بعده .
2 – على الصعيد السياسي

ان اول مشروع سياسي قام به الولي الصادق رضوان الله تعالى عليه هو اقامت صلاة الجمعة والجماعة وهذا اضخم مشروع سياسي ديني في زمنه لانه جعل من منبر الجمعة منطلقا لمحاربة السلطة العفلقية في ذاك الوقت والنقض عليهم جهرة امام الملأ لايخاف لومة لائم واخذ ينشر بوكلائه في ربوع العراق الحبيب وخارجه وذلك لفضح اذناب الصهيونية الامبريالية المقية فبدأ ببناء حكومته الاسلامية حيث وضع المحاكم الشرعية وخاطب شيوخ العشائر بالالتزام بكلام الحوزة الناطقة وتلك الخطوات ذكية ودقيقة لسحب البساط من تحت اقدام الدولة القائمة في زمنه بدون سلاح ودم وقد نجح نجاحا كبيرا في ذلك لانه اصبح ذو شعبية كبيرة في اوساط العراق وخارجه وسيطر سيطرة تامة تؤهله لقيادة العراق قيادة اسلامية . لكن يد الغدر والخيانة لم تمكن ذلك القائد الفذ من اكمال مشروعه السياسي الالهي فطالته ايديهم الملطخة بالدماء ويا طالما لطخت هذه الايدي بدم الابرياء والمصلحين والعلماء من قبل لاجل البقاء على الكرسي واي كرسي فأن ملك صدام زال ولم يبقى هو ونظامه العفلقي المقبور وقد ولّى ادراج الرياح واصبح مذمة للتاريخ ولكن المشروع الذي قام به السيد الصدر رضوان الله عليه باق في كل جيل لانه مشروع الهي سار به الانيباء والاوصياء والصالحين ألآ وهو اقامة دولة العدل الهي المقدسة فهذا المشروع سوف يتحقق رغم انوق الظالمين على يد منقذ البشرية جمعاء وهو الامام المهدي عجل الله فرجه الشريف وكان لسان حاله يقول كما قال الانبياء (( قل لاأسألكم عليه أجراً ان الآ أجري على الله )) فذلك العطاء والدرس الذي ألهمه الشهيد الصدر للامة يستحق الثناء والثناء والذكر الدائم الطيب والقيم بما يليق بمقام هذه الشخصية المباركة على مدى الدهر لما حققه من المواقف السياسية والتربوية والاخلاقية فهنيأً له ولما قدم وأنجز وجزاه الله خير جزاء الصابرين المضحين في سبيل الله عن الاسلام والمسلمين والسلام عليه يوم ولد ويوماستشهد ويوم يبعث حياً ورحمة الله وبركاته .

????
زائر


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

سيرة حياة المراجع العظام Empty رد: سيرة حياة المراجع العظام

مُساهمة من طرف الماجد السبت مارس 07, 2009 1:41 am


(اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرج قائم ال محمد)
وفقكم الله لخدمة الدين والمذهب ولخدمة علمائنا الاعلام
العبد المذنب
(الدبياني)


الماجد

عدد الرسائل : 51
تاريخ التسجيل : 20/02/2009

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى