منتديات احرار العالم الاسلاميه
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

اهوار العراق

اذهب الى الأسفل

اهوار العراق Empty اهوار العراق

مُساهمة من طرف غليص الأحد مارس 08, 2009 1:56 am

تواجه اهوار العراق التي تعتبر أهم الأجسام المائية في منطقة الشرق الأوسط تهديدا جديدا.
فالاهوار تمثل نظاما بيئيا فريدا تمكن عبر عدة قرون من إدامة تنوع هائل من الحيوانات والنباتات، كما مكنت طبيعتها ومساحتها الشاسعة سكانها من تطوير أسلوب حياة متميز.

وكانت الحياة قد اعيدت للاهوار، التي حاول نظام الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين تجفيفها في ثمانينيات القرن الماضي من اجل القضاء على المتمردين الذين لاذوا بها، عام 2003 بعد الإطاحة بالنظام السابق. أما الآن، فالاهوار تنكمش ثانية بسبب الجفاف وشح المياه المتأتي عن قيام الدول المجاورة للعراق ببناء السدود على نهري دجلة والفرات وروافدهما. ولذا فقد اضطر العديد من عرب الاهوار، الذين عاشوا في تناغم مع هذه البيئة لآلاف السنين، إلى هجرها من الجديد. فالمنطقة، التي كانت عبارة عن مساحة شاسعة من المياه وحقول البردي، قد تحولت إلى صحراء جرداء تتخللها السواقي الطينية. وكانت منطقة الاهوار تغطي تاريخيا مساحة تتجاوز أل 15 ألف كيلومتر مربع، ولو أنها تقلصت في العصور الحديثة إلى حوالي تسعة آلاف من الأمتار المربعة. ولكن هذه المساحة تقلصت بشكل كبير بعد أن نفذ نظام صدام حسين خطة لتجفيفها بحيث أصبحت لا تتجاوز 760 كيلومترا مربعا. ألا أن الاهوار ازدهرت من جديد بعد زوال النظام السابق في عام 2003، حيث هدمت السدود التي حجبت المياه عن الاهوار وأعيدت الحياة ألى أكثر من 40 في المئة من مساحتها. ولكن الوضع تدهور من جديد الآن، حيث تقلصت مساحة الاهوار ثانية إلى 30 في المئة فقط من مساحتها السابقة، والوضع مرشح للتفاقم أذا انحبست الإمطار لسنة أخرى. وقال حازم الدلي، وهو مهندس مياه يعمل في وزارة البيئة العراقية، "إن شح المياه الذي نشهده حاليا يمثل مشكلة كبيرة. انه ليس طبيعيا." ومضى المهندس للقول: "فنتائج هذا الشح وتأثيراته على نوعية المياه المتوفرة وعلى التنوع البيئي في الاهوار واضحة للعيان، وهي تجبر سكان المنطقة على النزوح منها. وفي الحقيقة، يسهل لنا أن نرى تأثير الشح المياه من خلال ملاحظة انخفاض منسوب نهر دجلة في بغداد." جفاف تعتبر ندرة هطول الإمطار في السنوات الأخيرة السبب المباشر لانحسار الاهوار، ألا أنها ليست السبب الوحيد بأي حل من الأحوال. يقول حسن برتو الخبير في برنامج البيئة التابع للأمم المتحدة: "إن مشكلة الجفاف التي يعاني منها العراق خطيرة حقا، فموسم 2007-2008 كان واحدا من اقل المواسم مطرا على الإطلاق كما كان مستوى تساقط الثلوج في منابع دجلة والفرات اقل من الاعتيادي." وأضاف الخبير العراقي: "وتشير كل التوقعات إلى أن هذا الجفاف سيستمر هذا الشتاء إذ ليس من المتوقع أن يشهد العراق تساقط أمطار غزيرة." وقال: "أما بالنسبة للاهوار، والتي تغذيها المياه الناتجة عن تساقط الثلوج، فإن شهري مارس/آذار وابريل/نيسان القادمين سيشكلان فترة مهمة للغاية. وبالرغم من أننا لا نعلم حجم الفيضان (الناتج عن ذوبان الجليد في جبال تركيا وايران)، فإن العلائم المتوفرة غير مشجعة بالمرة." ولكن حتى في حال تساقط الأمطار والثلوج بمعدلات فوق الطبيعية، فإن كثرة السدود والمشاريع الاروائية التي شيدت على حوضي نهري دجلة والفرات كفيلة بحجب نسبة كبيرة من المياه عن الاهوار. يقول عزام علوش، مدير جماعة (Nature Iraq) المعنية بشؤون البيئة، والذي بذل جهودا كبيرة في محاولات أعادة الحياة إلى الاهوار، إن "دورة الفيضان الطبيعية للنهرين قد قوضت بفعل السدود التي أنشئت في تركيا وسورية والعراق ذاته - ولكن تركيا على وجه الخصوص." وأضاف علوش: "إن نظام الانسيابة الطبيعية للمياه لن يعود ثانية ما لم تجري أدارة السدود الواقعة خارج العراق كجزء من نظام متكامل ومنسق يشمل حوضي النهرين." وختم علوش كلامه بالقول: "علينا ضمان توزيع عادل ومتساوي للموارد المائية، وان نزيد من كفاءة استخدام الموارد الموجودة." انقطاع المياه يذكر أن للعراق اتفاقات لاقتسام الموارد المائية مع كل من سورية وتركيا وايران، ولكن يصعب على هذه الأطراف أطلاق كميات المياه المتفق عليها في سنوات الجفاف. إضافة لذلك، هناك العديد من السدود قيد الإنشاء، مما سيزيد الأزمة سوءا. ففي الوقت الذي تقوم به تركيا بتشييد اكبر هذه السدود وأضخمها، يقوم الإيرانيون من جانبهم ببناء السدود على نهر الكرخة الذي يصب في الاهوار مباشرة. كما قامت إيران بتشييد حاجز طيني كبير على طول الحدود الدولية في هور الحويزة مما عرقل المسارات الطبيعية لمياه الاهوار. لا يخلو العراق نفسه من أمثال هذه المشاريع، حيث تسهم بعض المشاريع الاروائية التي شيدت شمالي الاهوار في خفض كميات المياه التي تصل إليها. أضاف لذلك كله، فإن لظاهرة التغير المناخي دور أيضا في مفاقمة المشكلة. يقول خبير وزارة البيئة حازم الدلي: "نستطيع رؤية آثار الاحتباس الحراري على مناسيب المياه في أنهارنا، وفي جفاف أجزاء كبيرة من الاهوار." ويضيف حسن برتو: "تشير الأدلة إلى أن ما نراه اليوم هو غيض من فيض ما ستأتي به السنوات المقبلة، لذا فإن على الحكومة العراقية أن تبلور الخطط الضرورية للتعامل مع ظاهرة التغير المناخي." ولكن بالرغم من هذه الأنباء السيئة، لا يعتقد الخبراء أن الاهوار تحتضر، فقد برهنت في الماضي على امتلاكها قدرة فائقة في التماثل من ظروف الجفاف. خطوة حيوية فحقول البردي التي تعتبر عماد البيئة المميزة للاهوار - والتي يعتمد عليها سكان المنطقة في الكثير من مناحي حياتهم - تمتاز بالقدرة على تحمل الجفاف والعودة إلى الحياة حال توفر كميات مناسبة من المياه. وقد اعتمدت وزارة الري العراقية بالفعل خطة تقضي ببناء 17 ناظما تسمح بخزن المياه في الشتاء وإطلاقها في موسم الربيع مما يخلق نبضة فيضانية اصطناعية تشبه إلى حد بعيد الفيضان الطبيعي. يقول الناشط البيئي عزام علوش: "هذه خطوة حيوية لن تضمن أعادة الحياة إلى أجزاء كبيرة من الاهوار فحسب، بل ستؤدي أيضا إلى زيادة المساحات المسترجعة." ويعتقد علوش أيضا أن النشاط الزراعي الذي يعتمد على الاستغلال الزائد والمبذر للموارد المائية يجب أن تعتمد تقنيات الري الحديثة الأكثر كفاءة، وألا سيكون مصيرها الفناء نتيجة تزايد نسب الملوحة. ويقول: "أذا لم يطوروا أساليب الإرواء، فسيحكمون على أنفسهم بالموت نتيجة ترسب الأملاح. أما الاهوار، فسيمكنها الاستمرار بالرغم من المياه المالحة ولو بتنوع بيئي يختلف عما نراه اليوم." يبدو الأمر الآن أن الاهوار ستواجه سنة صعبة للغاية، ولكن أذا طبقت الدول المعنية اتفاقات المشاركة في الموارد المائية بشكل صحيح، وإذا اعتمدت أنظمة متطورة لإدارة الموارد المائية في الأنهار كما في الاهوار ذاتها، فالمستقبل آنئذ لن يبدو كالحا كما يبدو اليوم.
غليص
غليص

عدد الرسائل : 60
تاريخ التسجيل : 11/02/2009

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى